المجامع والهرطفات من القرن الرابع الى الآن 2
صفحة 1 من اصل 1
المجامع والهرطفات من القرن الرابع الى الآن 2
الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى يصلح أخطاءه
وصلت دعوة الإمبراطور لمجمع افسس المسكونى فإختاروا ثمانية أساقفة مملوئين حكمة ومحبة لينوبوا عنهم فى شرح أحداث حرم نسطور وما تلاها بعد وصول يوحنا الأنطاكى ، ووصلوا مبكرين عن الثمانية الممثلين للوفد الأنطاكى ثم اخذهم وذهب لمقابلة الوفد الأنطاكى قبل دخوله القسطنطينية حيث كان الشعب فى حالة من الثورة ضدهم فخشى من عدم سيطرتهم على الشغب فى القسطنطينية عند رؤية الشعب الوفد الأنطاكى ، وتلاقى الفريقان فى إحدى ضواحى القسطنطينية وهى مدينة قريبه منها هى مدينة خلقيدونية وكان قد بعث إليهم وهم بعد فى الطريق أن ينتظروا بخلقيدونية حتى يجئ إليهم .
وعندما إجتمع الفريقان امام الإمبراطور ، أراد النساطرة ان يحولوا دفة المناقشات حول الخلافات القائمة وأن مجمع اقسس قد غجتمع قبل وصول الوفد الأنطاكى بالرغم من تأخره عن الموعد ، ولكن الإمبراطور لم يسمح بأى نقاش من هذا القبيل على الإطلاق ، وأعلن فى صراحة أن مجمع أفسس المقدس هو فقط صاحب السلطة فى القضايا الكنسية وهو حكم مقدس واجب التنفيذ ، وأن عليه التصديق والتنفيذ فقط وليس مناقشة ما تم مناقشته بواسطة الاباء ،
وعلى ذلك صدق الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى على قرارات مجمع أفسس بخلع نسطور وقطعه من جسم الكنيسة وحرمه ، وأضاف على ذلك بنفيه فى ديار مصر فى اخميم (2) ، وأمر أيضاً بالإفراج عن البابا كيرلس وممنون أسقف أفسس ورجوعهما إلى كراسيهما .
وبهذا أنهى الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى الخلاف وقضى على الهرطقة جزئياً التى كادت تستشرى فى جميع بلاد الإمبراطورية
ويأخذ أسقفيته آخر - وموت نسطور - حفظ وحدانية الروح
وعاد الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى إلى القسطنطينية فرحاً مستريح البال وكان يشعر أن صلوات أبيه الناسك دلماتيوس المتوحد هى التى سندته التى إتقلبت فيها الأوضاع فصار القاضى (البابا كيرلس) متهما وسجن والمتهم طليقاً حراً (نسطور) فأصلح ألإمبراطور وجعل كل واحد فى مكانه الصحيح .
وإكمالاً لوضع الأمور فى نصابها دعى الإمبراطور اعضاء المجمع المقدس الثمانية لإختيار اسقفاً بدل نسطور الذى حرم وخلع من منصبه ، ومنح الإمبراطور الحرية لكل من يريد العودة لإيبروشيته فرجع البابا كيرلس منتصراً بالرغم مما لاقاه من متاعب فى السجن والإشاعات التى اطلقها النساطرة للنيل منه ، اما باقى الاباء ممن أرادوا تلبيه دعوة الإمبراطور وارادوا الإنضمام للثمانية فقد إجتمعوا معاً ووقع إختيارهم على مكسيميانوس الصريح فى الإيمان الأرثوذكسى فاقاموه على كرسى القسطنطينية بدل نسطور الهرطوقى .
موت نسطور
يذكر كتاب موجز تاريخ المسيحية يسطس الدويرى ص 285 أنه : " إختلف المؤرخون حول سبب موته فقيل البؤس قد إستحوذ عليه فشج رأسه بيده ، وقيل أن لسانه أكله الدود ومات شر ميته "
حفظ وحدانية الروح
1 - مكسيميانوس اسقف القسطنطينية
وما إن جلس مكسيميانوس على عرش الكرسى الرسولى لمدينة القسطنطينية حتى بعث برسالة إلى البابا كيرلس اشاد فيها بالألام والأتعاب التى إحتملها عامود الدين وبطل من ابطال الإيمان الأرثوذكسى للمحافظة على نقاوة الإيمان ، وطوبه على مسلكه الذى مجد بأعماله السيد المسيح ، وصار منظراً للملائكة والناس وكل كهنة المسيح ، وهنئة بنيل إكليل الصبر الذى بواسطته قهر الشيطان وكل أعوانه لدرجة أن يوحنا الأنطاكى فى رسالته لكهنته وشعبه بأنطاكية تحدث عن صبر البابا كيرلس الملتحف بالفرح والسلام ، وعبر عن هذه الأحاسيس كلها بقوله : " إن كيرلس وممنون لا يعبآن بالسجن ولا كل ما لحقهما من أذى مرير وإهانات ساخرة "
2 - أكسيسنوس أسقف روما
وساهم أيضاً فى حفظ وحدانية الروح أكسيسنوس أسقف روما الذى خلف سلستينوس الأمين الذى كان قد إنتقل إلى بيعة الأبكار بعد شهور قلائل من إنفضاض مجمع أفسس فقد بعث برسالة إلى كهنة القسطنطينية وشعبها يشهد فيها عن كيرلس ولقبه بالرجل الرسولى ، وأنه لم يكن معوزاً فى أى عمل من أعمال الرسل ، فقد علم وهذب ووبخ .
3 - الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى
رأى الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى أن الشقاق قد دب فى جسد الكنيسة وزاد عدم الحب ، وهذا كله كان نتيجة إنحياز مندوب الأمبراطور وسياسة الأمبراطور نفسه وتحيزه لنسطور فى البداية حتى تفاقم الموقف ، وكانت النفوس التى أصابتها الخيبة نتيجة الهزيمة كان الحقد يكمن فى قلوبهم ضد كثير من ألاباء وخاصة البابا كيرلس ، الذى لقبه العالم
Cyril the Victor of Ephesus" " .. the guardian of accuracy- (2
ورأى أن يقوم بعمل إيابى فى رأب الصدع وبنيان كنيسة المسيح ، فإستشار مكسيسيانوس اسقف القسطنطينية وبعد التفكير إنتهوا إلى إنتداب أحد قواده الأتقياء للأقلاع إلى الأسكندرية ومقابلة البابا كيرلس متاكدين من قلبه الكبير ورجاحة عقله وحكمته بالرغم مما قاساه من ألام من أجل الإيمان ، لكى يستمر فى القياده وليس للهجوم على هرطقة أو إنحراف فى الإيمان ، ولكن لأجل جمع الشمل فى حب المسيح وتقوية الحب فى كنيسته .
وثائق المجمع : رسائل البابا كيرلس
مرجع رسائل البابا كيرلس التالية من المجمع المسكونى الثالث فى أفسس 431 م - والصراعات العقائدية فى القرنين الرابع والخامس - حول شخص وطبيعة السيد المسيح السجالات الكريستولوجية فى القرنين الرابع والخامس بقلم العلامة اللاهوتى الأنبا بيشوى أسقف كفر الشيخ والبرارى ودير القديسة الشهيدة دميانة ورئيس المجمع المقدس
************ ********* ********* ********* ********* ** ************ ********* ********* ********* ********* ** *
رسالة القديس كيرلس رقم 69
لأكاكيوس أسقف ميليتين (1)
1- حضر إلىَّ الشماس ورئيس المتوحدين جزيل الورع ومحب الله مكسيموس. تفرست فيه، فهو نوع من الرجال الذى طويلاً ما ينتظر الإنسان حتى يتقابل مع مثله. وقد تعجبت من حماسته واستقامته، وتحفزه تجاه الولاء للمسيح. كان محزوناً جداً وكان له عقل ملئ بالقلق حتى أنه كان يرغب فى تحمل أى مشاق بفرح من أجل تمزيق شر تعليم نسطور من جذوره من منطقة الشرق. فقد قرأ لى خطاباً من قداستكم إلى يوحنا محب الإله أسقف أنطاكيا وهو خطاب ملئ بالثقة ومحبة الله.
2- وقد كتبت أنا أيضاً خطاباً مماثلاً له لكن كما يبدو فإن الأردأ ينتصر. فرغم تظاهرهم (أى تظاهر الموالين للنسطورية) بكراهية تعاليم نسطور إلا أنهم يقحمونها ثانية وبطريقة مختلفة، عن طريق إعجابهم بتعاليم ثيئودور، مع تلطخها (تلوثها) باللاتقوى بالتساوى أو بحالة أكثر سوءًا. لأن ثيئودور لم يكن تلميذاً لنسطور إنما نسطور هو الذى كان تلميذه. وهما يتكلمان كما من فم واحد. يقذفان سموم الهرطقات من قلوبهم. وقد كتب إلىَّ أساقفة الشرق بدورهم أنه لم يكن من الضرورى رفض تعاليم ثيئودور حتى لا يُرفض -كما يقول هؤلاء الأساقفة- تعاليم المباركين أثناسيوس وثيئوفيلس وباسيليوس وغريغوريوس لأنهم هم أيضاً قالوا ما قاله ثيئودور.
3- لم أحتمل ما كتبوه لكننى قلت بصراحة أن ثيئودور كان له لسان تجديف وقلماً يخدمه. فى الوقت الذى كانوا هم (أى الآباء المباركون) معلمى أرثوذكسية كاملة وموقرين لهذا السبب. لكنهم (أى الموالين للنسطورية) أقنعوا أولئك الموجودين فى الشرق إلى الحد الذى ظهرت معه صيحات عالية فى الكنائس من جانب الشعب "أتركوا إيمان ثيئودور يزداد. كما يؤمن ثيئودور، هكذا نحن نؤمن". رغم أنهم ألقوا عليه الحجارة فى ذات مرة حينما غامر بقوله شيئاً باختصار أمامهم فى الكنيسة. لكن كما يرغب المعلم هكذا يفكر القطيع. وأنا بالتالى لم ولن أنقطع عن الاحتجاج على ما كتب (أى ما كتبه ثيئودور).(2)
4- وحيث أنه كان من الضرورى أن تكون هناك براهين مضادة حاضرة أمامهم بعد إطّلاعهم على كتب ثيئودور وديودور التى كتب فيها ليس عن تجسد الإبن الوحيد، بل بالأحرى ضد التجسد. فقد اخترت بعضاً من الفصول، وبالأسلوب المقبول سوف أقاومهم، كاشفاً أن تعاليمهم كانت من كل الوجوه مليئة بكل ما هو بغيض. وحينما حثَّنى جزيل الورع الشماس رئيس المتوحدين مكسيموس السالف الذكر لشرح إعلان المجاهرة بالإيمان الذى وضعه الآباء القديسون الذين اجتمعوا فى نيقية، فقد صممت على هذه المهمة. وهو قد أكد بالدليل على أن البعض بعدم إخلاص يتظاهرون بأنهم يقولونها ويتبعونها. ولكن ليس لديهم الفكر الصحيح بعد. إنما حرّفوا ما كان صحيحاً ومستقيماً بما يبدو جيداً لهم.
5- حتى لا يفوت قداستكم ملاحظة هذا الأمر، فقد أرسلت الكتاب والوثائق. بعد قراءتها تفضل بتقديم الصلوات المعتادة من أجلى.
رسالة القديس كيرلس رقم 70
للإكليروس والكاهن لامبون (3)
1- حينما كنت فى مدينة أورشليم، أحضر لى رجل شريف يعمل فى الجندية فى القصر، خطاباً فى سطور كثيرة ومختوم. وقال أنه قد تلقاه من الأرثوذكس فى أنطاكية. فإن التوقيعات التى على الخطاب كانت لكثير من الإكليروس والرهبان والعلمانيين. يتهمون أساقفة الشرق، بأنه بالرغم من التزامهم بالصمت عن ذكر اسم نسطور طبعاً، وتظاهرهم بمقته بشدة، إلا أنهم كانوا يثبون إلى كتب ثيئودور بخصوص التجسد، والتى تكمن فيها تجاديف أكثر خطورة من التى لنسطور. فقد كان هو أبو تعاليم نسطور الشريرة. ولأنه جاهر بتعاليم نسطور فهذا الغير التقى هو فى الصحبة التى هو فيها الآن. أنا أكتب للجزيل الورع أسقف أنطاكية أنه يجب ألا يعلِّم أحد فى الكنيسة بالتعاليم غير الورعة التى لثيئودور.
2- حينما حضر، الشماس الجزيل الورع رئيس المتوحدين مكسيموس للإسكندرية، فقد شجبهم كثيراً قائلاً أنه ليس مكان للأرثوذكسية هناك (فى القسطنطينية) وليس هناك حرية للتكلم عن عقيدة الإيمان الصحيح. وقال أنهم يزعمون الاعتراف بالقانون الذى صاغه آباء نيقية لكنهم يسيئون تفسيره. وقد حثّنى على أن أفسر بوضوح البيان التام للآباء بنيقية حتى لا يُحمل بعض الناس بالقوة بتفسيرهم للأمور بطريقة بدل أخرى، وقد فعلت ذلك. وعلى ذلك فهو يُحضر الوثائق الرسمية حتى يعرضها على الإمبراطورة جزيلة الورع أوذوكسيا زوجة الإمبراطور، وبلشاريا أخته. والورع جداً محب المسيح الإمبراطور (ثيئودوسيوس الثانى 408-345) لأن الكتاب كان مكتوباً على رقائق لدىّ. يمكنك تقديمه فى الوقت المناسب وبمساعدة رأيه كما تراه مناسباً للإمتلاك.
3- يجب علينا أن نحارب فى كل مكان فى سبيل الإيمان الصحيح وأن نحاول قدر المستطاع أن نزيل من وسطنا عدم التقوى القائمة ضد المسيح.
رسالة القديس كيرلس رقم 71
للإمبراطور ثيئودوسيوس (4)
1- أنه غير ملوم أمام الله الآب الكائن فى السماء أن أتطلع من الأرض تجاه الحياة الأبدية حينما أقول "وهذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته" (يو17: 2). ولكننى لا أعرف كيف أن البعض يدَّعون فى هذا الاعتبار السير باستقامة فى حين أنهم يعرجون عن طريق الحق ويتحولون فى طريق آخر يقود نحو الفناء والهلاك. هم يتمسكون بكتابات ممنوعة لبعض الرجال. ولعرض طبيعة الأمر بوضوح حيث أنه مكتوب "أتكلم بشهاداتك قدام ملوك ولا أخزى" (مز119: 46). كان هناك ثيئودور أسقف موبسويستيا ومن قبله ديودور أسقف طرسوس، هذان كانا آباء تجديف نسطور. ففى الكتب التى ألفاها إستخدما جنوناً غير مهذب ضد المسيح مخلصنا كلنا لأنهم لم يفهموا سره. لذلك فقد رغب نسطور فى تقديم تعاليمهم فى وسطنا فخلعه الله.
2- ومع ذلك، فبالرغم من أن بعض أساقفة الشرق قد حرموا تعاليمه (نسطور)، فهم الآن يقدمون بطريقة جديدة نفس التعاليم مرة أخرى حينما يعجبون بالتعاليم التى لثيئودور ويقولون أنه كان يفكر بطريقة صحيحة فى وفاق مع آبائنا، أقصد أثناسيوس وغريغوريوس وباسيليوس. لكنهم يتكلمون كذباً ضد الرجال المقدسين الذين كانوا على النقيض لآراء ثيئودور ونسطور الشريرة فى كل ما كتبوا. لذلك، حيث أننى علمت أنهم قد يجلبون أموراً معينة بخصوص أولئك الرجال حتى لآذانكم الورعة فإننى أسأل أنكم تحفظون أرواحكم سليمة ونظيفة تماماً من اللاتقوى التى لثيئودور وديودور. وكما سبق الإشارة أعلاه فقد أعلن نسطور تعاليم أولئك الرجال، ولذلك دين على أنه عاق فى المجمع العام الذى عُقد فى أفسس بمشيئة الله. وحيث أنهم يدَّعون الاعتراف بقانون الإيمان الذى وضعه مجمع نيقية العظيم الجليل لكنهم يحرفون معانيه بتفاسيرهم الخاطئة، فإن رؤساء المتوحدين الشرقيين طلبوا منى شرح معنى قانون الإيمان وقد تم ذلك (فى الرسالة رقم 55).
************ ********* ********* ********* ********* ** ************ ********* ********* ********* ********* ** *
مرجع رسالة البابا كيرلس التالية من مذكرة علم اللاهوت المقارن - الكلية الإكليريكية اللاهوتية للقبط الأرثوذوكس - بقلم المتنيح العلامة اللاهوتى الأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمى ص 107 - 110
الرسالة الثانيـــــة للبابا كيرلس
نسب إلى الرسالة الثانيـــــة للبابا كيرلس الكثير من الأعتبار , وهى الرسالة المعروفة بالرسالة العقيدية كتبها فى الشهور الأولى لسنة 430 (5) وقد صادق عليها المجمعان , وفيها أخذ القديس كيرلس على نفسه مهمة شرح قانون الإيمان وماذا يعنيه من أن كلمة الإله تجسد وتأنس ومالا يعنيه .
أنه لا يعنى أن هناك تفسيراً فى طبيعة الكلمة , أو أنها تغيرت إلى إنسان ككل ( جسداً ونفساً ) وإنما بالحرى أن الكلمة وحد نفسه أقنومياً مع جسد ذى نفس ناطقة وقد صار إنساناً بصورة لا توصف ولا يمكن إدراكها ودعى " إبن الإنسان " ليس لمجرد أنه أراد ذلك , ولا بمعنى أنه قد لعب دوراً فقط , ولكن بينما أن الطبيعتين اللتين إجتمعتا معاً لتؤلفا وحدة , هما مختلفان , تكون منهما مسيح واحد وأبن واحد , لكن الإختلاف بين الطبيعتين لم يزل بسبب الإتحاد , بل بالحرى أن اللاهوت والناسوت قد تلاقيا بصورة غريبة لا يعبرعنها ليؤلفا منهما إتحاداً , وفعلاً قد نتج لنا من إتحادهما الرب الواحد والأبن الواحد يسوع المسيح " أنه بهذا المعنى قيل عنه أنه ولو أنه كائن قبل الدهور ومولود من الآب منذ الأزل إلا أن له مع هذا ميلاداً بالجسد حيث أنه من أجلنا ومن أجل خلاصنا قد أتخذ له طبيعة بشرية وأتحد بها كأقنوم , وولد من أمراة وليس هذذا معناه " أن إنساناً عادياً ولد أولاً من القديسة العذراء , وبعد ذلك نزل الكلمة عليه .. ولكن معناه .. حيث أن الإتحاد قد تم فى رحم العذراء فقد قيل أنه ولد جسدياً حيث حيث أنه جعل ميلاد جسده ميلاداً له .
وبالمثل يمكن أن نفسر كيف تألم وقام من بين الأموات إن اللاهوت لا يمكن أن يتألم من حيث أنه غير جسدانى , والكلمة الإلهى لم يقبل فى طبيعة ( الإلهية ) , الضرب أو ثقب المسامير , أو الجراحات الأخرى ولكن حيث أن الجسد الذى أصبح جسده هو الذى أحتمل هذه الأمور , فلذلك قيل أنه هو نفسه قد تألم عنا , لأن الذى لا يمكن أن يتألم كان فى الجسد الذى كان يتألم , وعلى هذا النحو نقول أن كلمة الإله بطبيعته خالد وغير فان , وهو الحياة وواهب الحياة , ولكن من حيث أن جسده هو الذى بنعمة الإله قد ذاق الموت عن كل واحد , قيل عنه أنه هو نفسه قد أحتمل ذلك الموت عنا غير أنه طبعاً لم يذق الموت فى طبيعته , فمن الجنون أن نقول بهذا أو حتى نفتكر فى هذا - ولكن (بمعنى) أن جسده هو الذى قام ولهذا قيل أن القيامة هى قيامته هو .
ولما كان اللوغوس واحداً تماماً مع اللحم والبدن اللذين له , لهذا فنحن نعترف بمسيح واحد ورب واحد , ونعبده لأنه الواحد بعينه ( وليس كما لو ـننا نعبد إنساناً مع اللوغوس ) ولا نجعل أى تفريق فى هذا الخصوص بين اللوغوس والناسوت وإذا أعترض واحد على هذا الإتحاد الأقنومى وقال أنه لا يمكن إدراكه أو أنه غير مستساغ فإنه لا يستطيع أن يفلت من خطأ الكلام من " أبنين " , ولكن لا يجوز أن يقسم الرب الواحد يسوع المسيح إلى أبنين , ثم انه لا مصلحة لنا فى الكلام بطريقة تشاؤمية عن إتحاد " أشخاص " لأن الكتاب المقدس لم يقل أن اللوغوس قد وحد معه شخص النسان , بل أنه صار جسداً , وقوله أن الكلمة صار جسداً هو تماماً القول بأنه أخذ دماً ولحماً أى أن الناسوت الذى أخذه كان غير شخص .
أما كيفية الإتحاد ونتيجته فقد كانت شخصية ثم أنه ظل الإله دائماً , وولادته البشرية فى الزمان لم تنقض من ولادته الإلهية منذ الأزل , أنه جعل جسدنا جسده وولد من أمرأة كأنسان , ولم يفقد بهذا كونه هو الإله وكونه مولوداً من الإله , فمع أنه إتخذ له جسداً لكنه ظل كما كان .
ويقول القديس كيرلس : " أن الإيمان الذى علم ويعلم به هو الإيمان الذى علمت وتعلم به الكنيسة دائماً , فتعليمه هو تعليم الكنيسة بكل تدقيق , ويختم البابا كيرلس رسالته بشرح تعليم " والدة الإله " بهذا المعنى جرؤ الآباء القديسون على أن يتكلموا عن القديسة العذراء مريم ويصفوها بأنها والدة الإله لا بمعنى أن طبيعة اللوغوس أو لاهوته قد قبل من القديسة العذراء إبتداء وجوده , ولكن بمعنى أن الجسد المقدس ولد فيها وأتخذ نفساً ناطقة .
وحيث أن اللوغوس قد اتحد بهذا الجسد إتحاداً أقنومياً , فقد قيل أن اللوغوس قد ولد جسدياً ومعنى هذا أن العذراء مريم هى والدة الإله لأنها ولدت لنا الإله المتأنس لا لأنها أصل اللاهوت أو مصدراً له .
نياحتــــة
دخل البابا كيرلس إلى فرح سيده فى 3 أبيب 151 ش التى توافق 27 يونيه 444 م أى جلس على العرش المرقسى حوالى 31 سنة و 8 شهور و 10 أيام ومكان نياحته بالمرقسية بالأسكندرية .
<IMG alt="" border=0>
المرحلة الأولى البابا ديسقوروس وبدعة أوطاخى أثناء حكم ألأمبراطور ثيؤودوسيوس
المرحلة الأولى من 444م إلى 450م
البابا ديسقوروس وبدعة أوطاخى أثناء حكم ألأمبراطور ثيؤودوسيوس الثانى الشهير بالصغير
منذ أن جلس البابا ديسقوروس سنة 444 م حتى وفاة ألأمبراطور البيزنطى ثيؤودوسيوس الثانى سنة 450م أى ستة سنين تعتبر هى المرحلة الأولى
مجمع أفسس الثانى 449م
بدأ مجمع أفسس الثانى الجلسة الأولى فى 8 أغسطس عام 449م (1) وحضره 135 أسقف برئاسة البابا ديسقوروس وبحضور الأسقف يوليوس ممثل بابا روما، وجيوفينال أسقف أورشليم، ودمنوس أسقف أنطاكيا وفلافيان بطريرك القسطنطينية.
وبعد قرائة قرارات مجمع أفسس الأول 431م، وقرارات مجمع القسطنطينية المكانى 448م، وقراءة اعتراف مكتوب لأوطيخا بالإيمان الأرثوذكسى . وبعد الاستماع إلى آراء الحاضرين ؛ حكم المجمع :
بتبرئة أوطيخا وإعادته إلى رتبته الكهنوتية
بإدانة وعزل فلافيان بطريرك القسطنطينية
ويوسابيوس أسقف دوروليم.
كما حكم المجمع أيضاً
بحرم وعزل كل من هيباس أسقف الرها
وثيئودوريت أسقف قورش
وآخرين.
وحدد المجمع أن ديودور الطرسوسى هو نسطورى.
ورفض قراءة رسالة البابا لاون الأول إلى المجمع وهى المعروفة بطومس لاون.
وإذا كان البابا ديسقوروس سعى إلى محاربة النسطورية برفض تعبير "الطبيعتين بعد الاتحاد" وكان الأسقف يوسابيوس يدفع البطريرك فلافيان لمحاربة الأوطاخية بتأكيد تعبير "طبيعتين من بعد الاتحاد"، ومن هنا نشأ بين الطرفين سوء الفهم الذى تطور إلى الشقاق الخلقيدونى فيما بعد. ولكن البحث الدقيق يبرهن أن البابا ديسقوروس لم يكن أوطاخياً
ونود أن نذكر أن مجمع خلقيدونية لم يحكم علي البابا ديسقوروس لأسباب عقائدية ، كما ذكر أناتوليوس بطريرك القسطنطينية رئيس المجمع فى جلسة 22 أكتوبر عام 451م . كما أن البطريرك فلافيان والأسقف يوسابيوس لم يكونا نسطوريين.
المرحلة الثانية البابا ديسقوروس وبدعة أوطاخى أثناء حكم
وصلت دعوة الإمبراطور لمجمع افسس المسكونى فإختاروا ثمانية أساقفة مملوئين حكمة ومحبة لينوبوا عنهم فى شرح أحداث حرم نسطور وما تلاها بعد وصول يوحنا الأنطاكى ، ووصلوا مبكرين عن الثمانية الممثلين للوفد الأنطاكى ثم اخذهم وذهب لمقابلة الوفد الأنطاكى قبل دخوله القسطنطينية حيث كان الشعب فى حالة من الثورة ضدهم فخشى من عدم سيطرتهم على الشغب فى القسطنطينية عند رؤية الشعب الوفد الأنطاكى ، وتلاقى الفريقان فى إحدى ضواحى القسطنطينية وهى مدينة قريبه منها هى مدينة خلقيدونية وكان قد بعث إليهم وهم بعد فى الطريق أن ينتظروا بخلقيدونية حتى يجئ إليهم .
وعندما إجتمع الفريقان امام الإمبراطور ، أراد النساطرة ان يحولوا دفة المناقشات حول الخلافات القائمة وأن مجمع اقسس قد غجتمع قبل وصول الوفد الأنطاكى بالرغم من تأخره عن الموعد ، ولكن الإمبراطور لم يسمح بأى نقاش من هذا القبيل على الإطلاق ، وأعلن فى صراحة أن مجمع أفسس المقدس هو فقط صاحب السلطة فى القضايا الكنسية وهو حكم مقدس واجب التنفيذ ، وأن عليه التصديق والتنفيذ فقط وليس مناقشة ما تم مناقشته بواسطة الاباء ،
وعلى ذلك صدق الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى على قرارات مجمع أفسس بخلع نسطور وقطعه من جسم الكنيسة وحرمه ، وأضاف على ذلك بنفيه فى ديار مصر فى اخميم (2) ، وأمر أيضاً بالإفراج عن البابا كيرلس وممنون أسقف أفسس ورجوعهما إلى كراسيهما .
وبهذا أنهى الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى الخلاف وقضى على الهرطقة جزئياً التى كادت تستشرى فى جميع بلاد الإمبراطورية
ويأخذ أسقفيته آخر - وموت نسطور - حفظ وحدانية الروح
وعاد الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى إلى القسطنطينية فرحاً مستريح البال وكان يشعر أن صلوات أبيه الناسك دلماتيوس المتوحد هى التى سندته التى إتقلبت فيها الأوضاع فصار القاضى (البابا كيرلس) متهما وسجن والمتهم طليقاً حراً (نسطور) فأصلح ألإمبراطور وجعل كل واحد فى مكانه الصحيح .
وإكمالاً لوضع الأمور فى نصابها دعى الإمبراطور اعضاء المجمع المقدس الثمانية لإختيار اسقفاً بدل نسطور الذى حرم وخلع من منصبه ، ومنح الإمبراطور الحرية لكل من يريد العودة لإيبروشيته فرجع البابا كيرلس منتصراً بالرغم مما لاقاه من متاعب فى السجن والإشاعات التى اطلقها النساطرة للنيل منه ، اما باقى الاباء ممن أرادوا تلبيه دعوة الإمبراطور وارادوا الإنضمام للثمانية فقد إجتمعوا معاً ووقع إختيارهم على مكسيميانوس الصريح فى الإيمان الأرثوذكسى فاقاموه على كرسى القسطنطينية بدل نسطور الهرطوقى .
موت نسطور
يذكر كتاب موجز تاريخ المسيحية يسطس الدويرى ص 285 أنه : " إختلف المؤرخون حول سبب موته فقيل البؤس قد إستحوذ عليه فشج رأسه بيده ، وقيل أن لسانه أكله الدود ومات شر ميته "
حفظ وحدانية الروح
1 - مكسيميانوس اسقف القسطنطينية
وما إن جلس مكسيميانوس على عرش الكرسى الرسولى لمدينة القسطنطينية حتى بعث برسالة إلى البابا كيرلس اشاد فيها بالألام والأتعاب التى إحتملها عامود الدين وبطل من ابطال الإيمان الأرثوذكسى للمحافظة على نقاوة الإيمان ، وطوبه على مسلكه الذى مجد بأعماله السيد المسيح ، وصار منظراً للملائكة والناس وكل كهنة المسيح ، وهنئة بنيل إكليل الصبر الذى بواسطته قهر الشيطان وكل أعوانه لدرجة أن يوحنا الأنطاكى فى رسالته لكهنته وشعبه بأنطاكية تحدث عن صبر البابا كيرلس الملتحف بالفرح والسلام ، وعبر عن هذه الأحاسيس كلها بقوله : " إن كيرلس وممنون لا يعبآن بالسجن ولا كل ما لحقهما من أذى مرير وإهانات ساخرة "
2 - أكسيسنوس أسقف روما
وساهم أيضاً فى حفظ وحدانية الروح أكسيسنوس أسقف روما الذى خلف سلستينوس الأمين الذى كان قد إنتقل إلى بيعة الأبكار بعد شهور قلائل من إنفضاض مجمع أفسس فقد بعث برسالة إلى كهنة القسطنطينية وشعبها يشهد فيها عن كيرلس ولقبه بالرجل الرسولى ، وأنه لم يكن معوزاً فى أى عمل من أعمال الرسل ، فقد علم وهذب ووبخ .
3 - الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى
رأى الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى أن الشقاق قد دب فى جسد الكنيسة وزاد عدم الحب ، وهذا كله كان نتيجة إنحياز مندوب الأمبراطور وسياسة الأمبراطور نفسه وتحيزه لنسطور فى البداية حتى تفاقم الموقف ، وكانت النفوس التى أصابتها الخيبة نتيجة الهزيمة كان الحقد يكمن فى قلوبهم ضد كثير من ألاباء وخاصة البابا كيرلس ، الذى لقبه العالم
Cyril the Victor of Ephesus" " .. the guardian of accuracy- (2
ورأى أن يقوم بعمل إيابى فى رأب الصدع وبنيان كنيسة المسيح ، فإستشار مكسيسيانوس اسقف القسطنطينية وبعد التفكير إنتهوا إلى إنتداب أحد قواده الأتقياء للأقلاع إلى الأسكندرية ومقابلة البابا كيرلس متاكدين من قلبه الكبير ورجاحة عقله وحكمته بالرغم مما قاساه من ألام من أجل الإيمان ، لكى يستمر فى القياده وليس للهجوم على هرطقة أو إنحراف فى الإيمان ، ولكن لأجل جمع الشمل فى حب المسيح وتقوية الحب فى كنيسته .
وثائق المجمع : رسائل البابا كيرلس
مرجع رسائل البابا كيرلس التالية من المجمع المسكونى الثالث فى أفسس 431 م - والصراعات العقائدية فى القرنين الرابع والخامس - حول شخص وطبيعة السيد المسيح السجالات الكريستولوجية فى القرنين الرابع والخامس بقلم العلامة اللاهوتى الأنبا بيشوى أسقف كفر الشيخ والبرارى ودير القديسة الشهيدة دميانة ورئيس المجمع المقدس
************ ********* ********* ********* ********* ** ************ ********* ********* ********* ********* ** *
رسالة القديس كيرلس رقم 69
لأكاكيوس أسقف ميليتين (1)
1- حضر إلىَّ الشماس ورئيس المتوحدين جزيل الورع ومحب الله مكسيموس. تفرست فيه، فهو نوع من الرجال الذى طويلاً ما ينتظر الإنسان حتى يتقابل مع مثله. وقد تعجبت من حماسته واستقامته، وتحفزه تجاه الولاء للمسيح. كان محزوناً جداً وكان له عقل ملئ بالقلق حتى أنه كان يرغب فى تحمل أى مشاق بفرح من أجل تمزيق شر تعليم نسطور من جذوره من منطقة الشرق. فقد قرأ لى خطاباً من قداستكم إلى يوحنا محب الإله أسقف أنطاكيا وهو خطاب ملئ بالثقة ومحبة الله.
2- وقد كتبت أنا أيضاً خطاباً مماثلاً له لكن كما يبدو فإن الأردأ ينتصر. فرغم تظاهرهم (أى تظاهر الموالين للنسطورية) بكراهية تعاليم نسطور إلا أنهم يقحمونها ثانية وبطريقة مختلفة، عن طريق إعجابهم بتعاليم ثيئودور، مع تلطخها (تلوثها) باللاتقوى بالتساوى أو بحالة أكثر سوءًا. لأن ثيئودور لم يكن تلميذاً لنسطور إنما نسطور هو الذى كان تلميذه. وهما يتكلمان كما من فم واحد. يقذفان سموم الهرطقات من قلوبهم. وقد كتب إلىَّ أساقفة الشرق بدورهم أنه لم يكن من الضرورى رفض تعاليم ثيئودور حتى لا يُرفض -كما يقول هؤلاء الأساقفة- تعاليم المباركين أثناسيوس وثيئوفيلس وباسيليوس وغريغوريوس لأنهم هم أيضاً قالوا ما قاله ثيئودور.
3- لم أحتمل ما كتبوه لكننى قلت بصراحة أن ثيئودور كان له لسان تجديف وقلماً يخدمه. فى الوقت الذى كانوا هم (أى الآباء المباركون) معلمى أرثوذكسية كاملة وموقرين لهذا السبب. لكنهم (أى الموالين للنسطورية) أقنعوا أولئك الموجودين فى الشرق إلى الحد الذى ظهرت معه صيحات عالية فى الكنائس من جانب الشعب "أتركوا إيمان ثيئودور يزداد. كما يؤمن ثيئودور، هكذا نحن نؤمن". رغم أنهم ألقوا عليه الحجارة فى ذات مرة حينما غامر بقوله شيئاً باختصار أمامهم فى الكنيسة. لكن كما يرغب المعلم هكذا يفكر القطيع. وأنا بالتالى لم ولن أنقطع عن الاحتجاج على ما كتب (أى ما كتبه ثيئودور).(2)
4- وحيث أنه كان من الضرورى أن تكون هناك براهين مضادة حاضرة أمامهم بعد إطّلاعهم على كتب ثيئودور وديودور التى كتب فيها ليس عن تجسد الإبن الوحيد، بل بالأحرى ضد التجسد. فقد اخترت بعضاً من الفصول، وبالأسلوب المقبول سوف أقاومهم، كاشفاً أن تعاليمهم كانت من كل الوجوه مليئة بكل ما هو بغيض. وحينما حثَّنى جزيل الورع الشماس رئيس المتوحدين مكسيموس السالف الذكر لشرح إعلان المجاهرة بالإيمان الذى وضعه الآباء القديسون الذين اجتمعوا فى نيقية، فقد صممت على هذه المهمة. وهو قد أكد بالدليل على أن البعض بعدم إخلاص يتظاهرون بأنهم يقولونها ويتبعونها. ولكن ليس لديهم الفكر الصحيح بعد. إنما حرّفوا ما كان صحيحاً ومستقيماً بما يبدو جيداً لهم.
5- حتى لا يفوت قداستكم ملاحظة هذا الأمر، فقد أرسلت الكتاب والوثائق. بعد قراءتها تفضل بتقديم الصلوات المعتادة من أجلى.
رسالة القديس كيرلس رقم 70
للإكليروس والكاهن لامبون (3)
1- حينما كنت فى مدينة أورشليم، أحضر لى رجل شريف يعمل فى الجندية فى القصر، خطاباً فى سطور كثيرة ومختوم. وقال أنه قد تلقاه من الأرثوذكس فى أنطاكية. فإن التوقيعات التى على الخطاب كانت لكثير من الإكليروس والرهبان والعلمانيين. يتهمون أساقفة الشرق، بأنه بالرغم من التزامهم بالصمت عن ذكر اسم نسطور طبعاً، وتظاهرهم بمقته بشدة، إلا أنهم كانوا يثبون إلى كتب ثيئودور بخصوص التجسد، والتى تكمن فيها تجاديف أكثر خطورة من التى لنسطور. فقد كان هو أبو تعاليم نسطور الشريرة. ولأنه جاهر بتعاليم نسطور فهذا الغير التقى هو فى الصحبة التى هو فيها الآن. أنا أكتب للجزيل الورع أسقف أنطاكية أنه يجب ألا يعلِّم أحد فى الكنيسة بالتعاليم غير الورعة التى لثيئودور.
2- حينما حضر، الشماس الجزيل الورع رئيس المتوحدين مكسيموس للإسكندرية، فقد شجبهم كثيراً قائلاً أنه ليس مكان للأرثوذكسية هناك (فى القسطنطينية) وليس هناك حرية للتكلم عن عقيدة الإيمان الصحيح. وقال أنهم يزعمون الاعتراف بالقانون الذى صاغه آباء نيقية لكنهم يسيئون تفسيره. وقد حثّنى على أن أفسر بوضوح البيان التام للآباء بنيقية حتى لا يُحمل بعض الناس بالقوة بتفسيرهم للأمور بطريقة بدل أخرى، وقد فعلت ذلك. وعلى ذلك فهو يُحضر الوثائق الرسمية حتى يعرضها على الإمبراطورة جزيلة الورع أوذوكسيا زوجة الإمبراطور، وبلشاريا أخته. والورع جداً محب المسيح الإمبراطور (ثيئودوسيوس الثانى 408-345) لأن الكتاب كان مكتوباً على رقائق لدىّ. يمكنك تقديمه فى الوقت المناسب وبمساعدة رأيه كما تراه مناسباً للإمتلاك.
3- يجب علينا أن نحارب فى كل مكان فى سبيل الإيمان الصحيح وأن نحاول قدر المستطاع أن نزيل من وسطنا عدم التقوى القائمة ضد المسيح.
رسالة القديس كيرلس رقم 71
للإمبراطور ثيئودوسيوس (4)
1- أنه غير ملوم أمام الله الآب الكائن فى السماء أن أتطلع من الأرض تجاه الحياة الأبدية حينما أقول "وهذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته" (يو17: 2). ولكننى لا أعرف كيف أن البعض يدَّعون فى هذا الاعتبار السير باستقامة فى حين أنهم يعرجون عن طريق الحق ويتحولون فى طريق آخر يقود نحو الفناء والهلاك. هم يتمسكون بكتابات ممنوعة لبعض الرجال. ولعرض طبيعة الأمر بوضوح حيث أنه مكتوب "أتكلم بشهاداتك قدام ملوك ولا أخزى" (مز119: 46). كان هناك ثيئودور أسقف موبسويستيا ومن قبله ديودور أسقف طرسوس، هذان كانا آباء تجديف نسطور. ففى الكتب التى ألفاها إستخدما جنوناً غير مهذب ضد المسيح مخلصنا كلنا لأنهم لم يفهموا سره. لذلك فقد رغب نسطور فى تقديم تعاليمهم فى وسطنا فخلعه الله.
2- ومع ذلك، فبالرغم من أن بعض أساقفة الشرق قد حرموا تعاليمه (نسطور)، فهم الآن يقدمون بطريقة جديدة نفس التعاليم مرة أخرى حينما يعجبون بالتعاليم التى لثيئودور ويقولون أنه كان يفكر بطريقة صحيحة فى وفاق مع آبائنا، أقصد أثناسيوس وغريغوريوس وباسيليوس. لكنهم يتكلمون كذباً ضد الرجال المقدسين الذين كانوا على النقيض لآراء ثيئودور ونسطور الشريرة فى كل ما كتبوا. لذلك، حيث أننى علمت أنهم قد يجلبون أموراً معينة بخصوص أولئك الرجال حتى لآذانكم الورعة فإننى أسأل أنكم تحفظون أرواحكم سليمة ونظيفة تماماً من اللاتقوى التى لثيئودور وديودور. وكما سبق الإشارة أعلاه فقد أعلن نسطور تعاليم أولئك الرجال، ولذلك دين على أنه عاق فى المجمع العام الذى عُقد فى أفسس بمشيئة الله. وحيث أنهم يدَّعون الاعتراف بقانون الإيمان الذى وضعه مجمع نيقية العظيم الجليل لكنهم يحرفون معانيه بتفاسيرهم الخاطئة، فإن رؤساء المتوحدين الشرقيين طلبوا منى شرح معنى قانون الإيمان وقد تم ذلك (فى الرسالة رقم 55).
************ ********* ********* ********* ********* ** ************ ********* ********* ********* ********* ** *
مرجع رسالة البابا كيرلس التالية من مذكرة علم اللاهوت المقارن - الكلية الإكليريكية اللاهوتية للقبط الأرثوذوكس - بقلم المتنيح العلامة اللاهوتى الأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمى ص 107 - 110
الرسالة الثانيـــــة للبابا كيرلس
نسب إلى الرسالة الثانيـــــة للبابا كيرلس الكثير من الأعتبار , وهى الرسالة المعروفة بالرسالة العقيدية كتبها فى الشهور الأولى لسنة 430 (5) وقد صادق عليها المجمعان , وفيها أخذ القديس كيرلس على نفسه مهمة شرح قانون الإيمان وماذا يعنيه من أن كلمة الإله تجسد وتأنس ومالا يعنيه .
أنه لا يعنى أن هناك تفسيراً فى طبيعة الكلمة , أو أنها تغيرت إلى إنسان ككل ( جسداً ونفساً ) وإنما بالحرى أن الكلمة وحد نفسه أقنومياً مع جسد ذى نفس ناطقة وقد صار إنساناً بصورة لا توصف ولا يمكن إدراكها ودعى " إبن الإنسان " ليس لمجرد أنه أراد ذلك , ولا بمعنى أنه قد لعب دوراً فقط , ولكن بينما أن الطبيعتين اللتين إجتمعتا معاً لتؤلفا وحدة , هما مختلفان , تكون منهما مسيح واحد وأبن واحد , لكن الإختلاف بين الطبيعتين لم يزل بسبب الإتحاد , بل بالحرى أن اللاهوت والناسوت قد تلاقيا بصورة غريبة لا يعبرعنها ليؤلفا منهما إتحاداً , وفعلاً قد نتج لنا من إتحادهما الرب الواحد والأبن الواحد يسوع المسيح " أنه بهذا المعنى قيل عنه أنه ولو أنه كائن قبل الدهور ومولود من الآب منذ الأزل إلا أن له مع هذا ميلاداً بالجسد حيث أنه من أجلنا ومن أجل خلاصنا قد أتخذ له طبيعة بشرية وأتحد بها كأقنوم , وولد من أمراة وليس هذذا معناه " أن إنساناً عادياً ولد أولاً من القديسة العذراء , وبعد ذلك نزل الكلمة عليه .. ولكن معناه .. حيث أن الإتحاد قد تم فى رحم العذراء فقد قيل أنه ولد جسدياً حيث حيث أنه جعل ميلاد جسده ميلاداً له .
وبالمثل يمكن أن نفسر كيف تألم وقام من بين الأموات إن اللاهوت لا يمكن أن يتألم من حيث أنه غير جسدانى , والكلمة الإلهى لم يقبل فى طبيعة ( الإلهية ) , الضرب أو ثقب المسامير , أو الجراحات الأخرى ولكن حيث أن الجسد الذى أصبح جسده هو الذى أحتمل هذه الأمور , فلذلك قيل أنه هو نفسه قد تألم عنا , لأن الذى لا يمكن أن يتألم كان فى الجسد الذى كان يتألم , وعلى هذا النحو نقول أن كلمة الإله بطبيعته خالد وغير فان , وهو الحياة وواهب الحياة , ولكن من حيث أن جسده هو الذى بنعمة الإله قد ذاق الموت عن كل واحد , قيل عنه أنه هو نفسه قد أحتمل ذلك الموت عنا غير أنه طبعاً لم يذق الموت فى طبيعته , فمن الجنون أن نقول بهذا أو حتى نفتكر فى هذا - ولكن (بمعنى) أن جسده هو الذى قام ولهذا قيل أن القيامة هى قيامته هو .
ولما كان اللوغوس واحداً تماماً مع اللحم والبدن اللذين له , لهذا فنحن نعترف بمسيح واحد ورب واحد , ونعبده لأنه الواحد بعينه ( وليس كما لو ـننا نعبد إنساناً مع اللوغوس ) ولا نجعل أى تفريق فى هذا الخصوص بين اللوغوس والناسوت وإذا أعترض واحد على هذا الإتحاد الأقنومى وقال أنه لا يمكن إدراكه أو أنه غير مستساغ فإنه لا يستطيع أن يفلت من خطأ الكلام من " أبنين " , ولكن لا يجوز أن يقسم الرب الواحد يسوع المسيح إلى أبنين , ثم انه لا مصلحة لنا فى الكلام بطريقة تشاؤمية عن إتحاد " أشخاص " لأن الكتاب المقدس لم يقل أن اللوغوس قد وحد معه شخص النسان , بل أنه صار جسداً , وقوله أن الكلمة صار جسداً هو تماماً القول بأنه أخذ دماً ولحماً أى أن الناسوت الذى أخذه كان غير شخص .
أما كيفية الإتحاد ونتيجته فقد كانت شخصية ثم أنه ظل الإله دائماً , وولادته البشرية فى الزمان لم تنقض من ولادته الإلهية منذ الأزل , أنه جعل جسدنا جسده وولد من أمرأة كأنسان , ولم يفقد بهذا كونه هو الإله وكونه مولوداً من الإله , فمع أنه إتخذ له جسداً لكنه ظل كما كان .
ويقول القديس كيرلس : " أن الإيمان الذى علم ويعلم به هو الإيمان الذى علمت وتعلم به الكنيسة دائماً , فتعليمه هو تعليم الكنيسة بكل تدقيق , ويختم البابا كيرلس رسالته بشرح تعليم " والدة الإله " بهذا المعنى جرؤ الآباء القديسون على أن يتكلموا عن القديسة العذراء مريم ويصفوها بأنها والدة الإله لا بمعنى أن طبيعة اللوغوس أو لاهوته قد قبل من القديسة العذراء إبتداء وجوده , ولكن بمعنى أن الجسد المقدس ولد فيها وأتخذ نفساً ناطقة .
وحيث أن اللوغوس قد اتحد بهذا الجسد إتحاداً أقنومياً , فقد قيل أن اللوغوس قد ولد جسدياً ومعنى هذا أن العذراء مريم هى والدة الإله لأنها ولدت لنا الإله المتأنس لا لأنها أصل اللاهوت أو مصدراً له .
نياحتــــة
دخل البابا كيرلس إلى فرح سيده فى 3 أبيب 151 ش التى توافق 27 يونيه 444 م أى جلس على العرش المرقسى حوالى 31 سنة و 8 شهور و 10 أيام ومكان نياحته بالمرقسية بالأسكندرية .
<IMG alt="" border=0>
المرحلة الأولى البابا ديسقوروس وبدعة أوطاخى أثناء حكم ألأمبراطور ثيؤودوسيوس
المرحلة الأولى من 444م إلى 450م
البابا ديسقوروس وبدعة أوطاخى أثناء حكم ألأمبراطور ثيؤودوسيوس الثانى الشهير بالصغير
منذ أن جلس البابا ديسقوروس سنة 444 م حتى وفاة ألأمبراطور البيزنطى ثيؤودوسيوس الثانى سنة 450م أى ستة سنين تعتبر هى المرحلة الأولى
مجمع أفسس الثانى 449م
بدأ مجمع أفسس الثانى الجلسة الأولى فى 8 أغسطس عام 449م (1) وحضره 135 أسقف برئاسة البابا ديسقوروس وبحضور الأسقف يوليوس ممثل بابا روما، وجيوفينال أسقف أورشليم، ودمنوس أسقف أنطاكيا وفلافيان بطريرك القسطنطينية.
وبعد قرائة قرارات مجمع أفسس الأول 431م، وقرارات مجمع القسطنطينية المكانى 448م، وقراءة اعتراف مكتوب لأوطيخا بالإيمان الأرثوذكسى . وبعد الاستماع إلى آراء الحاضرين ؛ حكم المجمع :
بتبرئة أوطيخا وإعادته إلى رتبته الكهنوتية
بإدانة وعزل فلافيان بطريرك القسطنطينية
ويوسابيوس أسقف دوروليم.
كما حكم المجمع أيضاً
بحرم وعزل كل من هيباس أسقف الرها
وثيئودوريت أسقف قورش
وآخرين.
وحدد المجمع أن ديودور الطرسوسى هو نسطورى.
ورفض قراءة رسالة البابا لاون الأول إلى المجمع وهى المعروفة بطومس لاون.
وإذا كان البابا ديسقوروس سعى إلى محاربة النسطورية برفض تعبير "الطبيعتين بعد الاتحاد" وكان الأسقف يوسابيوس يدفع البطريرك فلافيان لمحاربة الأوطاخية بتأكيد تعبير "طبيعتين من بعد الاتحاد"، ومن هنا نشأ بين الطرفين سوء الفهم الذى تطور إلى الشقاق الخلقيدونى فيما بعد. ولكن البحث الدقيق يبرهن أن البابا ديسقوروس لم يكن أوطاخياً
ونود أن نذكر أن مجمع خلقيدونية لم يحكم علي البابا ديسقوروس لأسباب عقائدية ، كما ذكر أناتوليوس بطريرك القسطنطينية رئيس المجمع فى جلسة 22 أكتوبر عام 451م . كما أن البطريرك فلافيان والأسقف يوسابيوس لم يكونا نسطوريين.
المرحلة الثانية البابا ديسقوروس وبدعة أوطاخى أثناء حكم
ابو ماضى- مراقب عام المنتدى
- عدد المساهمات : 440
تاريخ التسجيل : 23/05/2010
العمر : 51
مواضيع مماثلة
» المجامع والهرطفات من القرن الرابع الى الآن 1
» المجامع والهرطفات من القرن الرابع الى الآن 3
» المجامع والهرطفات من القرن الرابع الى الآن 5
» المجامع والهرطفات من القرن الرابع الى الآن 6
» المجامع والهرطفات من القرن الرابع الى الآن4
» المجامع والهرطفات من القرن الرابع الى الآن 3
» المجامع والهرطفات من القرن الرابع الى الآن 5
» المجامع والهرطفات من القرن الرابع الى الآن 6
» المجامع والهرطفات من القرن الرابع الى الآن4
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى