مارجرجس والشهداء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البطرسية عائلة تؤرخ لـ 150 عاماً من عمر مصر

اذهب الى الأسفل

البطرسية عائلة تؤرخ لـ 150 عاماً من عمر مصر Empty البطرسية عائلة تؤرخ لـ 150 عاماً من عمر مصر

مُساهمة  ابو ماضى الإثنين مايو 24, 2010 6:57 am

البطرسية عائلة تؤرخ لـ 150 عاماً من عمر مصر مازالت كتابة التاريخ تخضع لأغراض شخصية وسياسية وأحياناً اقتصادية، ومازلنا لا نعرف التاريخ الحقيقى للعديد من الأحداث والوقائع التاريخية، فما كنا ندرسه فى كتب التاريخ لم يعد مسلماً به ولا يعرض الحقيقة الكاملة ربما لأهداف سياسية استعمارية أو ثقافية.
فكلنا نعرف أن ملوك الفراعنة كانوا يقومون بإزالة آثار الملوك السابقين من على جدران المعابد، وهذا لا ينطبق على التاريخ المصرى فقط بل على مستوى العالم.. لقد أصبحت قراءة التاريخ أمراً محفوفاً بالمخاطر فكل مؤرخ يكتب التاريخ من وجهة نظره، وأحياناً يتقرب بكتابته للسلطة أو لاتجاه فكرى محدد، صحيح أنه من الصعب وجود شخص غير متحيز ولكن الكتابة التاريخية يجب أن يكون لها معايير وضوابط، ولكن السؤال من يضع هذه المعايير والضوابط.. وإذا وجدت.. فمن يلتزم بها..؟!.
هذا ما ينطبق على تاريخ بطرس باشا غالى هذا الرجل الذى حمل على عاتقه فترة من أصعب فترات التاريخ المصرى فى ظل غطرسة الاحتلال البريطانى، فقد فاوض الانجليز على تخفيف أحكام دنشواى وحمل أوزار مواجهة الانجليز بالتفاوض أو المراوغة طبقاً لما أشارت له الوثائق الإنجليزية التى جرى الإفراج عنها، إلا أن تصدره المشهد السياسى جعله فى واجهة الحياة السياسية، وشهد له بالكفاءة فى إدارة النظارات (الوزارات) التى أسندت إليه ثم أكد أنه رجل دولة من الطراز الرفيع عندما تولى رئاسة الوزارة، وفى أثناء نظر الجمعية العمومية لمشروع مد امتياز قناة السويس فوجئ الناس بقتل بطرس غالى فى 20 فبراير 1910، إذ لم يسبقه اعتداء مماثل أو يشبهه، ولم يكن الناس قد عرفوا فى مصر حوادث القتل السياسى وكان قاتله إبراهيم ناصف الوردانى، شاباً فى الرابعة والعشرين من عمره، وكان من المتحمسين لمبادئ الحزب الوطنى.
وكان بعض المؤرخين قد ذكروا أن بطرس باشا غالى كان خائناً وهو السبب فى مذبحة دنشواى وشارك فى الحكم على المصريين الذين أعدموا فتسبب ذلك فى مقتله رغم أن الحقائق والوثائق تكشف عكس ذلك، وهو ما كشفت عنه مجموعة من فريق عملّ ذاكرة مصر المعاصرة «بمكتبة الإسكندرية» تحت إشراف الدكتور خالد عزب بعد البحث فى الوثائق والمقتنيات النادرة لمدة ست سنوات بدأت منذ عام 2004 ليخرجوا بعمل موسوعى فى التأريخ للعائلات المصرية التى أثرت تاريخ مصر الحديث والمعاصر، وبدأت بالبحث فى تاريخ بطرس باشا غالى وعائلته، وأصدروا مجلداً مهماً يصدر خلال شهر مارس الحالى يحمل عنوان «العائلة البطرسية.. سيرة عائلة قبطية».
وموسوعة تاريخ أسرة بطرس باشا غالى تحكى عن عائلة مصرية قبطية سطر أبناؤها العديد من صفحات تاريخ مصر الحديث والمعاصر وشاركوا فى صنع العديد من الأحداث الفاصلة فى تاريخ مصر منذ الثورة العرابية مروراً بتوقيع اتفاقية السودان وثورة 1919 واتفاقية 1936 وصولاً إلى توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ومباحثات كامب ديفيد، حتى ارتقى أحد أبنائها لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة كأول مصرى وعربى يصل إلى تلك المكانة المرموقة.
وجاءت الموسوعة ثرية فى محتواها، فبلغ عدد صفحاتها 340 صفحة من القطع الكبير، وتتضمن دراسة تاريخية وثائقية شاملة لتاريخ العائلة ودورها السياسى والاجتماعى والدينى فى تاريخ مصر والكنيسة القبطية المصرية من خلال ما يزيد على 400 وثيقة و350 صورة، من الأرشيف الخاص بالعائلة ومن دار الوثائق القومية، ودار المحفوظات العمومية ومن مؤسسة دار الهلال الصحفية ومن الارشيف الوثائقى الخاص بمكتبة الإسكندرية الذى يشتمل على مجموعة وثائق الثورة العرابية ومجموعة العائلة السليمية (عائلة محمد محمود باشا) ومجموعة وثائق قناة السويس ومجلس الأحكام ومجلس التجار وغيرها.
تبدأ الموسوعة باستعراض شجرة العائلة البطرسية منذ الجد الأكبر غالى بك نيروز وصولاً إلى أصغر حفيد من العائلة ثم تستعرض صفحات الموسوعة سيرة أبناء العائلة البطرسية بدءاً من عميد العائلة بطرس باشا غالى أول رئيس وزراء من أصول مصرية وأول رئيس وزراء قبطى فى تاريخ مصر.
وعن بطرس باشا غالى يحكى الدكتور خالد عزب المشرف على مشروع «ذاكرة مصر المعاصرة» قائلاً إن من سبقوه لهذا المنصب كانوا إما من الأتراك وإما اليونان وإما الأرمن مثل نوبار باشا وغيره، كما أنه كان أول قبطى يتولى هذا المنصب، وارتبط تاريخه بالعديد من المنعطفات التاريخية فى تاريخ مصر مثل توقيع اتفاقية السودان ومشكلة ترسيم حدود مصر الشرقية المعروفة بقضية طابا وحادثة دنشواى وتمديد امتياز قناة السويس.
وأضاف أن فترة رئاسته شهدت إصدار قانون علنية جلسات مجلس شورى القوانين وإحياء قانون الرقابة على المطبوعات وافتتاح الجامعة المصرية، وكان أول من أصدر قراراً بمنح عطلة رسمية يوم رأس السنة الهجرية، كما كان له دوره المؤثر فى تاريخ الكنسية المصرية، واستمر أبناؤه على نفس النهج فابنه نجيب باشا بطرس غالى كان وزيراً فى وزارة عدلى باشا يكن عام 1921، وابنه واصف باشا بطرس غالى كان أحد أبرز أعضاء الوفد المصرى وأحد السبعة الذين حكموا عليهم بالإعدام ضمن صفوف الوفد المصرى فى سبيل نيل مصر استقلالها، ووزير الخارجية المصرى البارز خلال العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، والذى شارك فى مفاوضات سعد - مكادنالد ومفاوضات النحاس-هندرسن وتوقيع معاهدة 1936 التى حصلت مصر بمقتضاها على استقلالها عن بريطانيا وشارك فى توقيع اتفاق مونترو الذى انهى الامتيازات الأجنبية فى مصر وأول من رفع صوته رسمياً بالدفاع عن القضية الفلسطينية فى عصبة الأمم عام 1937، وكان أيضاً أديباً له العديد من الكتب من أهمها كتاب «تقاليد الفروسية عن العرب».
وألمح عزب إلى أن العائلة قدمت العديد من الشخصيات مثل مريت بك نجيب غالى، مهندس العلاقات بين الكنيستين المصرية والأثيوبية خلال فترتى الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين والذى حاول منع انفصال الكنيسة الأثيوبية عن الكنيسة المصرية وكان له دور إنسانى كبير فى مساعدة الجالية المصرية فى أثيوبيا ومساعدة الأسرة الأثيوبية المالكة بعد الانقلاب العسكرى فى السعبينيات.
وأشار إلى الدور الكبير الذى لعبه مريت بك فى مجال الآثار، حيث قام بتأسيس جمعية الآثار القبطية، ونظم العديد من المؤتمرات العملية التى كانت مهمتها حفظ الآثار، والدكتور بطرس بطرس غالى الأمين العام السابق للأمم المتحدة والدبلوماسى المصرى المميز والذى شارك فى عودة الأرض المصرية المحتلة من جانب إسرائيل عبر مفاوضات السلام الشاقة خلال السبعينيات من القرن العشرين، والمهندس واصف يوسف غالى مستشار اليونسكو لحماية الآثار والمحافظة عليها، وأخيراً الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية الذى حصل على لقب أفضل وزير مالية فى الشرق الأوسط من مؤسسة اليورومنى الاقتصادية لعامين متتاليين والدكتوراه الفخرية من جامعة أندنبرة.
ورجوعاً إلى حادث مقتل بطرس باشا غالى وظروفه يقول عزب إن هذا الحادث هو الأول من نوعه فى مصر منذ أكثر من قرن عندما قام سليمان الحلبى بقتل كليبر، ولذلك فلابد أن نشير إلىالأحداث السياسية التى مرت بها مصر قبل وقوع الحادث وأدت إلى توتر علاقته بالحركة الوطنية خاصة الحزب الوطنى، وكان لها عميق الأثر على وقوع حادث الاغتيال منها اضطراره لتوقيع اتفاقية السودان 19 يناير 1899، ودوره فى محكمة دنشواى الخاصة التى انعقدت يوم 23 نوفمبر عام 1906. ولقد وقع حادث الاعتداء على بطرس باشا غالى أثناء نظر الجمعية العمومية لمشروع امتياز قناة السويس واضطرت وزارة بطرس باشا غالى إلى دعوة الجمعية العمومية للانعقاد لإحالة مشروع مد امتياز قناة السويس إليها.
أما القاتل فهو إبراهيم ناصف الوردانى وهو شاب مصرى فى الرابعة والعشرين من عمره، تلقى علومه الأولى فى المدارس المصرية حتى نال البكالوريا، وتوفى والده فقام بتربيته الدكتور ظفيل باشا حسن وأرسله إلى سويسرا لتلقى علوم الصيدلة ثم ذهب إلى انجلترا، فقضى بها سنة وعاد إلى مصر فافتتح بها صيدلية فى شارع عابدين، وكان من المتحمسين لمبادئ الحزب الوطنى المناوئ للخديو عباس وقتذاك.
واعتراف الجانى (إبراهيم الوردانى) بجرمه، وبرر إقدامه على قتل بطرس باشا غالى بأنه وقع اتفاقية السودان فى 19 يناير عام 1899، بالنيابة عن الحكومة المصرية باعتباره وزير خارجيتها، وأنه كان ضمن تشكيل محكمة دنشواى.
وحول توقيع اتفاقيتى الحكم الثنائى للسودان فى 19 يناير عام 1899 فقد وقع بطرس باشا غالى بالنيابة عن الحكومة المصرية باعتباره وزير خارجيتها واللورد كرومر بالنيابة عن الحكومة الانجليزية، وبموجب تلك الاتفاقية أصبح لانجلترا رسمياً حق الاشتراك فى إدارة شئون الحكم بالسودان، ورفع العلم الانجليزى إلى جانب العلم المصرى فى أرجائه كافة، وتعيين حاكم عام للسودان بناء على طلب الحكومة البريطانية.
حكاية دنشواى
أما حكاية دنشواى ففى 13يونيو عام 1906 كانت جماعة من الضباط الإنجليز تقوم برحلة صيد حمام بجوار قرية دنشواى بالمنوفية بدعوة من عبدالمجيد بك سلطان أحد أعيان القرية، وفى أثناء الصيد شب حريق فى أحد الأجران بفعل البارود المشتعل، فهاج الفلاحون وهجموا على الشباب الانجليز، وفى الهرج أطلق أحد الضباط الانجليز خرطوشة أصابت امرأة فسقطت جريحة، فهجم أهلها على الضباط وأوسعوهم ضرباً، وفى أثناء فرار أحدهم أصيب بضربة شمس ولقى مصرعه واتهم أحد الفلاحين بقتله.
وطبقاً للقانون العرفى الصادر فى عام 1895 لحماية أرواح قوات الاحتلال البريطانى، وبناء على قرار الاتهام المقدم من محمد شكرى باشا مدير المنوفية، شكلت محاكمة خاصة يوم الأحد 23 نوفمبر عام 1906، كان قضاتها بطرس باشا غالى ناظر الحقانية بالنيابة ، وفتحى بك زغلول رئيس المحاكم الأهلية، ومستر هيتر المستشار القضائى بالنيابة، ومستر بوند نائب رئيس المحاكم، وكان القاضى العسكرى الكولونيل لدلو يمثل جيش الاحتلال، أما سلطة الاتهام المصرية، فكان يمثلها إبراهيم بك الهلباوى.
وقد صدر الحكم بأعدام أربعة من أهالى دنشواى وهم (حسن محفوظ، يوسف سليم، السيد عيسى سالم، محمد درويش زهران) كما قضت بالأشغال الشاقة مدداً مختلفة على 12 متهماً وبالجلد خمسين جلدة لكل منهم، وذلك إثر اتهامهم بقتل ضابط بريطانى مات متأثراً بضربة شمس، أثناء قيام مجموعة من جنود الاحتلال بالصيد داخل حقولهم. وكانت رئاسة بطرس باشا غالى لتلك المحكمة من الأمور التى أخذت عليه، وكانت ذريعة لمهاجمته واتهامه بمحاباة الانجليز، إلا أنه بنظرة متمعنة - والكلام مازال على لسان د.خالد عزب فى الحادث وتفاصيل المحاكمة يتضح الكثير من الحقائق التى غابت عن دور بطرس باشا غالى فى المحاكمة، أهمها أن دور بطرس غالى كان شكلياً حيث عقدت المحكمة المخصوصة برئاسة بطرس باشا غالى بصفته قائماً بعمل ناظر الحقانية، فإن القدر وضعه فى رياسة هذه المحكمة نتيجة لظروف إدارية بحتة وهى غياب ناظر الحقانية آنذاك إبراهيم فؤاد باشا الموكل إليه أساساً رئاسة المحاكمة بحكم قانون عام 1895، وهذا ما جعل بطرس غالى المسئول عن المحاكمة، وكان من الممكن أن يلعب نفس الدور أى ناظر يتولى أية نظارة أخرى فى تلك الفترة، أضف إلى ذلك أن الحكم الصادر هو حكم سياسى أملته السلطة الإنجليزية التى أمرت بإرسال المشانق إلى دنشواى قبل أن يصدر الحكم، ولم يكن دور هيئة الدفاع عن المتهمين نفى التهمة عن المتهمين أو التقليل من عددهم، إنما حاولت تخفيف حدة الاتهام من القتل العمد إلى ضرب أدى إلى الوفاة. لقد ذكرت الوثائق على لسان المستر بوند - وكيل محكمة الاستنئاف الأهلية والعضو بالمحكمة المذكورة - أن هيئة المحكمة كانت مصممة على إعدام خمسة لولا إصرار بطرس غالى الذى لم يوافق على إعدام الرابع، وقال إن ضميرى غير مرتاح لإعدامه، ولذلك فقد سعى عقب الحادثة فى مفاوضة الحكومة الإنجليزية، ووافقت الحكومة الانجليزية على العفو الذى أصدره الجانب العالى الخديوى رسمياً يوم عيد جلوسه عام 1907، وظن الوطنيون أن هياجهم وحده هو الذى أرجف الانجليز فأصدروا أمرهم بالعفو عن المسجونين مع أن الفضل الأكبر فى العفو عنهم يرجع إلى تدخل الخديو عباس حلمى الثانى ووزيره بطرس باشا غالى كما يستدل على ذلك من الوثائق البريطانية والمصرية التى لم ينشر منها سوى القليل إلى اليوم.
قانون المطبوعات
وفى 25 مارس 1909 أصدر مجلس النظار قراراً بإعادة العمل بقانون المطبوعات، وكان الهدف منه مصادرة الحريات ومصادرة الصحف الوطنية وإغلاقها خاصة بعد أن أخذت تهاجم الخديو عباس حلمى الثانى نتيجة لسياسة الوفاق التى اتبعها مع الإنجليز، فضاق الخديوى بهذه الحملات، وكلف بطرس غالى بإعادة إصدار قانون المطبوعات 1881 الصادر فى 26 نوفمبر عام 1881 إبان الثورة العرابية. واعتبر هذا الإجراء بمثابة لطمة كبيرة وجهت إلى الحركة الوطنية، وهو أحد الدوافع المهمة التى اعترف الوردانى بأنه أقدم بسببها على اغتياله بطرس غالى حيث اعتبره البعض بمثابة وضع القيود على الأقلام وتكميم أفواه الصحافة، وعمت الدوائر الوطنية الغضب وبخاصة الشباب الذى نظم مظاهرات صاخبة، وكانت هذه المظاهرات شيئاً جديداً فى الحياة السياسية المصرية منذ الاحتلال البريطانى، وقد زاد هذا القانون من سخط الوطنيين على الحكومة ولذا اعتبر البعض أن بطرس غالى مسئول مسئولية تاريخية عما حل بالصحافة الوليدة من كبت لحرياتها ومصادرة للصحف، وبلغ من غضب الوطنيين على هذا القرار أن قام محمد فريد زعيم الحزب الوطنى بالذهاب إلى الخديو عباس حلمى فى نفس اليوم الذى صدر فيه ذلك القانون بعريضة احتجاج على ما قامت به نظارة بطرس غالى، وقامت المظاهرات الرافضة لهذا التضييق والكبت لحريتها، وقد أدى صدور هذا القرار لإغلاق منافذ التعبير أمام الحركة الوطنية.
امتياز القناة
وفى أواخر سنة 1909 وأوائل سنة 1910، شغلت الرأى العام مسألة كبرى، تتصل بحياة البلاد المالية والسياسة، ونعنى بها مشروع مد امتياز قناة السويس، والذى حاول به الاستعمار تثبيت أقدامه فى البلاد، وإطالة عمر الاستعمار الاقتصادى والاستراتيجى، وفحوى هذا المشروع أن المستشار المالى البريطانى مستر بول هارفى أخذ يفكر فى وسيلة يسد بها حاجة الحكومة إلى المال فدخل فى مفاوضة مع شركة قناة السويس، لمد امتيازها أربعين عاماً، تلقاء أربعة ملايين من الجنيهات تدفعها الشركة للحكومة، وجانب من الأرباح من سنة 1921 إلى سنة 1968.
وبذلك ارتبط اسم بطرس غالى بمشكلة مد امتياز قناة السويس، فلقد تحدد للجمعية العمومية يوم 9 فبراير 1910 للاجتماع والنظر فى مشروع مد الامتياز الذى تقدمت به شركة قناة السويس إلى الجمعية العمومية المصرية، فدعا بطرس كلاً من سعيد ورشدى إليه وأطلعهما على المذكرة الموضوعة بشأن القناة وتضمنت توزيع الأرباح بين الحكومة والشركة مناصفة، وأن تكون المناصفة فى بداية الامتداد التالى لنهاية الامتياز الحالى، وقد كان بطرس باشا غالى خلال مناقشة المشروع فى الجمعية العمومية من مؤيدى المشروع على الرغم من اعتراض العديد من الشخصيات السياسية المصرية، خاصة قيادات الحزب الوطنى بزعامة محمد فريد، وبالتالى ظل هذا المشروع محل تكتم مدة عام كامل حتى استطاع الزعيم الوطنى محمد فريد الحصول على نسخة من مشروع القانون، وقام بنشرها فى جريدة اللواء فى أكتوبر 1909، ثم قفى على أثرها ببيان أسرار المشروع وأسبابه، ومبلغ الضرر الذى سيصيب مصر من ورائه، خاصة أن إعطاء الامتياز كان يعنى أن تترك الشركة القناة لمصر سنة 2008، وبدأت حملة من الحركة الوطنية وعلى رأسها الحزب الوطنى فى تعبئة المصريين ضد هذا القانون، وربما يرجع تأييد بطرس باشا غالى للمشروع لحاجة الحكومة المصرية للحصول على أربعة ملايين جنيه على أربعة أقساط متساوية من ديسمبر 1910 إلى ديسمبر عام 1913.
كما كان لهذا الحادث الخطير أثره فى تاريخ الحزب الوطنى ذاته، فقد خفت حدة أقلام كتابه فى الصحف نظراً لهول الحادث وخوفاً من لصق تهمة تدبيره بالحزب، إلا أن الصحف القبطية والأجنبية اعتبرت أن تحريض صحف الحزب المستمر قد ساهم على الأقل فى تهيئة أسباب الاغتيال، ولذلك زادت مطاردة الحكومة لنشاط الحزب ومبادئه. وقالت صحيفة الإيجيبسيان فى عددها بتاريخ 8 يناير 1911، «إن الوردانى وهو يقتل بطرس غالى كان يجهز فى الوقت نفسه على الوطنية المصرية فى مصر»، كما اندفعت الحكومة المصرية تقبض على الناس وتفتش البيوت لاستكشاف جمعيات ومؤامرات سرية، لذلك لم تبدأ محاكمة الوردانى إلا بعد شهرين من وقوع الحادث أى فى 21 أبريل.
إنه من الصعب تحميل شخص واحد أخطاء أمة بأكملها أو حكومة محتلة تخضع للأمر الواقع وليس لديها قدرة على الاختيار فى ظل سلطان جاثم وعدوان كاتم على النفوس، بل إن وجود شخص مثل بطرس باشا غالى فى موقعه أتاح له تخفيف كثير من الأمور التى كان يمكن أن تتضخم وتتصاعد أكثر مما حدث.


ابو ماضى
ابو ماضى
مراقب عام المنتدى
مراقب عام المنتدى

عدد المساهمات : 440
تاريخ التسجيل : 23/05/2010
العمر : 51

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى