مارجرجس والشهداء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أبيكوريون

اذهب الى الأسفل

 أبيكوريون  Empty أبيكوريون

مُساهمة  ابو ماضى الثلاثاء يونيو 29, 2010 4:50 am





أبيكوريون
لقد تقابل بولس مع الأبيكوريين والرواقيين في أثينا ( أع 17 : 18 ) وكان الأبيكوريون أتباع أبيكورس الفيلسوف الذي ولد في ساموس في سنة 340 ق.م. وعلم أولاً في أسيا الصغرى ، وبعد ذلك في أثينا إلى أن مات في سنة 270 ق.م وقد حافظ على أسلوب واحد في تعليمه من بدء حياته إلى نهايتها ، على عكس غيره من الفلاسفة . ويمكننا معرفة آراء معارضي بولس من تعليم أبيكورس ( أبيقور ) :

1- الأسباب الاجتماعية والسياسية : إن الظروف التي قامت فيها الفلسفتان الأ بيكورية والرواقية كانت ظروفاً اجتماعية وسياسية أكثر منها ثقافية . فقد بلغت الأبحاث الفكرية ذروتها في الأسلوب الاستنتاجي لأفلاطون ، والأسلوب الموسوعي لأرسطو ، وكان لابد أن يؤدي نقد هذين الأسلوبين إلى التعمق في معنى الاختبار ، كما فعل " كانت " في عصور متأخرة ، ولكن الأحوال وقتئذ لم تكن مواتية للتأمل المجرد ، فقد أدى انحلال ولايات المدن اليونانية وانتهاء استقلال اليونان إلى أن تمتليء أفكار الناس بالاحساس بعدم الأمان . فكل قيم وقوانين وعادات المجتمع التي كانت تظلل الفرد حتى ذلك الوقت ، قد انهارت وسعي الناس أن يجدوا في يالفلسفة ميناء للراحة لنفوسهم الشريدة المتعبة ، وبذلك أصبحت الفلسفة نظرية للسلوك وفقاً للحياة .

قد استنكر أبيكورس السعي للمعرفة من أجل المعرفة سواء كانت فلسفة أو علماً ، ووجه أبحاثه إلى السؤ الين العمليين : ماهو هدف الحياة ؟ وكيف نبلغه ؟ وعرف الفلســــــــــــفة بأنها " الانشغال يومياً بالحديث والفكر لضمان حياة سعيدة " .

2- مذهب اللذة الأنانية : لذلك كان تعليم أبيقور الأخلاقي هو العامل المركزي الحاكم في فلسفته ، وهو نوع من المتعة الأنانية ، وقد سبق أن علم بنفس هذه المباديء العامة أرستيبوس ومدرسته والقيروانيون قبل ذلك بقرن من الزمان ، وقد انتعشت فلسفتهم في القرن السابع عشر في انجلترا على يد توماس هوبس .
إن هدف الحياة وغايتها بالنسبة لكل إنسان هما سعادته الشخصية ، والسعادة هي اللذة ، لذلك نحن نسمى اللذة ألف وياء الحياة السعيدة ، فاللذة هي الخير الأول لنا ، هي نقطة البداية لكل اختيار ولكل كراهية ، وإليها نرجع باعتبارها القاعدة التي نحكم بها كل شيء صالح . وإلى هنا يبدو أن أبيقور إنما يكرر أراء القيروانيين ، ولكن هناك اختلافات هامة ، فأرستيبوس كان يعتقد أن لذة اللحظة هي نهاية الأمر ، بينما علم أبيقور أننا يجب أن نحيا الحياة بحيث نضمن أكبر قدر من اللذة في كل مسيرة الحياة ، وبهذه النظرة الواسعة أصبحت اللذة العقلية تشغل مكاناً أعظم من لذات الجسد ، فالسعادة لا تكمن في إشباع الشهوات ، بقدر ماتكمن في قمع هذه الرغبات والوصول إلى حالة من الاستقلال في كل الظروف ، مما يضمن سلام العقل ، فلا يمكن لاعواز الحياة وتقلباتها أن تعكر صفوه ، فرغبات الإنسان متنوعة : " بعضها طبيعي وبعضها لا أساس له . والرغبات الطبيعية ، منها ماهو ضروري كما هو طبيعي ، ومنها ماهو طبيعي فقط . ومن الرغبات الضرورية ما هو لازم لسعادتنا ، وما هو لازم لإراحة أجسادنا ، وما هو لازم لمجرد الحياة . ويجب أن يكون هدف الإنسان أن يقمع كل الرغبات غير الضرورية وبخاصة الرغبات المصطنعة . فالعلم والثقافة والحضارة وارتباكات الحياة الاجتماعية والسياسية أمور محرمة ، مثلما كانت عند مدرسة الفلاسفة الكلبيين لأنها تعكر سلام العقل . وقد قُرن هذا التعليم بتعليم روسو بل وبتعليم بوذا " .

1-العودة للطبيعة : فأبيقور - مثله مثل روسو - يحبذ ابتعاد الحياة عن تعقيدات وارتباكات المدنية ، إلى ضرورات الطبيعة المجردة ، ولكنه لا يصل إلى المدى الذي ينادي به تعليم النرفانا ، لأنه يعتبر الحياة والرغبة في الحياة أمرين صالحين . بل إنه يرتفع فوق المذهب الطبيعي إلى رؤى شبيهة بالروحانية الحديثة بتأكيده سيادة العقل على الظروف المضـــــــــادة ، " فالرجل الحكيم يظل سعيداً حتى وهو يعذب على آلة التعذيب " .

4- راحة البال : وتعريف أبيقور لغاية الحياة والسبيل إليها ، يحمل شبهاً سطحياً لفكر معارضيه الرواقيين . فالغاية عند الاثنين هي راحة البال أو رباطة الجأش ، أو سلام العقل الذي يسمو على كل الظروف ، والسبيل إلى ذلك هو الحياة حسب الطبيعة ، ولكن الطبيعة ، عند أبيقور - هي جسدية ومادية ، وأقصى سعادة يمكن بلوغها هي إنعدام الألم تماماً .

5-اللذة هي انعدام الألم : وهو يحتج على اعتبار تعليمه لا أخلاقياً فاسداً : " عندما نقول - إذا - إن اللذة هي الغاية والهدف ، فنحن لانعني لذات المسرفين أو اللذات الحسية ، كما يظن البعض عن جهل وتحامل وسوء فهم مقصود . إننا نعني باللذة انعدام الألم في الجسد وانعدام القلق في الفكر " . ولقد تميزت حياته بالبساطة والزهد ، ومراعاة الأصـدقاء بكل رفق ، ولكن نظريته كانت كفيلة بخدمة أغراض الناس الأردياء لتبرير الإباحية والأنانية .

6- العقد الاجتماعي : كانت العدالة والأخلاقيات المألوفة تعتبر عنده نتيجة لمنطلق اجتماعي أصيل - كما اعتقد هوبس وروسو - ويقوم على اهتمام الأفــراد بذواتهم وسعادتهم ، فالاخلاقيات المألوفة ، ليس من دافع لها أقوى من رغبة الفرد في ضمــان سعادته . وفي مقابل الانتهاك العام للقانون الأخلاقي ، فإن الدافع يجد سنده في النظام الاجتماعي وما يوقعه من جزاء . والمانع الوحيد من المفاسد السرية إنما هو الخوف من أن تكتشف ، وما ينتج حتماً عن هذا الخوف نفسه من اضطراب في الشخصية . والصداقة - وهي الفضيلة العظمى عند الأبيكوريين - إنما تقوم على نفس الاعتبار من الأنانية ، ويجب أن تغرس ، من أجل ما تثمره من سعادة لأصحابها . والعيب الأساسي في هذه النظرية هو فرديتها المتطرفة التي تؤدي إلى الأنانية المدروسة والتي تنكر أي قيمة ذاتية للفضائل الاجتماعية في أنشطة الحياة .

7- النظرية الذرية : لم يهتم أبيقور بالمعرفة لذاتها ، سواء للعالم الخارجي أو للحقيقة الأسمى ، ولكنه وجد عقول الناس مشحونة بأفكار عن العالم وخلود الآلهة ، مما عكر سلامهم وملأهم بشهوات ومخاوف باطلة . فكان من اللازم للغايات العلمية لفلسفته أن يجد نظرية للأشياء التي خارج الإنسان والتي يمكن أن تمنحه هدوء البال وصفاء الذهن .
ولهذا الغرض رجع أبيقور إلى نظرية ديموقريطس الذرية عن العالم ، فمكونات الكون الأصلية - التي لا يمكن تعليلها - كانت ذرات وفضاء وحركة ، وبناء على قانون ثابت من قوانين القضاء والقدر تحركت الذرات في الفضاء لتشكل العالم الذي نعرفه . ونفس الضرورة الثابتة هي التي تحفظ وتحدد النظام القائم لكل ما هو كائن . وقد طور أبيقور هذا النظام لكي يسمح بحرية أولية للذرات مما مكنها أن تنحرف قليلاً عن مسارها ، فتساقطت كالمطر في الفضاء وتصادمت واتحدت واكتسبت حركات دائرية ، بها تكونت العوالم وكل ما فيها ، ولكنه لم يذهب بفكره عن الحرية في الطبيعة وفي الإنسان إلى ما وراء ضرورات نظريته .

8- المذهب المادي : والطبيعة المادية الكاملة لطبيعة الكون عنده ، منعته من استنتاج عالم أدبي . وبهذه النظرية ، تخلص من دواعي الخوف والقلق التي تعكر صفو الذهن البشري . فالغائية والعناية والنظام الأدبي للكون ، وتصرفات الآلهة الاستبدادية ، والقدر الأعمى ، والفجــور ، والجحيم ، والجزاء والعقاب بعد الموت ، هذه جميعها لا وجود لها في كون تتحرك فيه الذرات كما تشاء . والنفس مثلها مثل الجسد مكونة من ذرات ، ولكنها ذرات من نسيج أدق وأرق ، وبالموت ينحل كلاهما وينتهيان .

9- نظرية الأفكار : ومن نفس هذه المقدمات ، لابد أن نتوقع الإنكار الكامل لوجود أي كائنات سماوية ، ولكن من غرابة هذا النظام أن نظرية مادية بهذه الصورة للمعرفة تطلب تأكيد وجود الآلهة . وأفكار الناس ناتجة عن أغشية مادية رقيقة تنتقل من الأشياء المحيطة إلى مادة العقل الملائمة لها ، ومن ثم فإن كل فكر لابد أن ينتج عن شيء مقابل .


10 - آلهة أبيكورس : فالناس عموماً لديهم أفكار عن آلهة ، فلا بد أن يكون الآلهة موجودين لكي تتولد هذه الأفكار التي تأتي للإنسان في النوم والأحلام ، ولكنها ليست مثل الآلهة التي يؤمن الناس بوجودها ، بل هي آلهة مكونة من نفس المادة الذرية مثل الإنسان . ولكن من نسيج أرق ، وهو يسكنون في الفضاء خارج العوالم ، حيث لا تستطيع هموم الأرض وانحلال الموت أن تصل إليهم ، ولذلك فهم لا يعرفون شيئاً عن العالم بكل آلامه ومتاعبه ، ولا يمكن إطلاقاً أن يهتموا به ، هذه هي آلهة الحكيم الأبيكوري ، وهي بعيدة كل البعد عن صخب العالم ، في راحة تامة ومكتفية بما تمنحه لها الطبيعة بسخاء " لأن طبيعة الآلهة يجب بالضرورة أن تتمتع بالخلود في راحة مطلقة بعيداً جداً عن اهتماماتنا ، وحيث أنها غير معرضة للألم وبعيدة عن كل خطر ، وقوية في مواردها ، لا يعوزها شيء منا ، فهي لا تسترضي باحسان ولا تتعرض للغضب " فهو يحظر كل دين ولكنه يحتفظ بالآلهة . ففشل أبيقور في متابعة منطق نظريته في إنكار الآلهة ، أعمق من نظريته عن الأفكار ، فقد تأثر بالحقيقة : إن " إجماعاً ثابتاً يسود جميع الناس بلا استثناء " على وجود الآلهة " فالوعي بوجود آلهة لا يسمح له بنكران وجود الله كلية ، ومن هنا جاءت محاولته لتفسير الحقيقة بما لا يتعارض مع نظريته " ( ولاس : الأبيكورية ص 209 ) .

11- أسباب النجاح : ولقد جذب أبيقور خلال حياته أعداداً كبيرة إلى عقيدته ، التي ظلت مزدهرة إلى العصر المسيحي . وقد قدمها للعالم الروماني الشاعر لوكرتيوس " عالم الطبيعة " الذي مازال المصدر الرئيسي للعلم بها . ولقد عملت جاذبيته وأخلاقه الشخصية على جذب أعداد من الناس إليه ، ورفعته إلى منزلة الحكيم المثالي الذي تتجسد فيه مدرسة الفلسفة . فقد كانت نظريته واضحة وسهلة الفهم على الرجل العادي ، كما قدمت تفسيراً معقولاً للحياة لمن لم يستطيعوا أن يهضموا أفكار غيرها من المدارس الفلسفية . ولقد لقي تعليمها الأدبي استجابة سريعة - في كل ماهو دنيوي ومألوف ومرغوب - عند الناس الذين فقدوا مثلهم العليا وحماستهم القوية . وفوق كل شيء لقد أنقذت الناس من رعب الخرافات المظلمة التي حلت محل الدين . إنه لدليل قوي على عدم كفاية الديانة اليونانية ، أن يبعد أبيقور الآلهة عن العالم المنظور بدون إحساس بأي خسارة ، بل بالحري مع الإحساس بالارتياح والتحرر .

12- التعارض التام مع تعليم الرسول بولس : كان من المحتم أن يثير الرسول بولس هذه المدرسة لتقوم في وجهه . فقد جاء إلى أثينا يعلم عن إله صار إنساناً وتألم ومات في أسمى درجات البذل للنفس ، وقام من الأموات ليعيش بين الناس مرشداً ومشكلاً لحياتهم ، وفي النهاية سيدين جميع الناس حسب أعمالهم ثواباً أو عقاباً ، في عالم المستقبل . وكان هذا عند الأبيكوريين إحياء لكل الخرافات القديمة البغيضة ، ولم يكن هذا عندهم مجـــرد حماقة ، بل هو الجحود نفسه ، فقد قال أبيقور " ليس الإنسان الذي ينكر الآلهة التي يعبدها الكثيرون هو الجاحد ، بل الجاحد هو الذي يؤكد ما يعتقده الكثيرون عن الآلهة " .



ابو ماضى
ابو ماضى
مراقب عام المنتدى
مراقب عام المنتدى

عدد المساهمات : 440
تاريخ التسجيل : 23/05/2010
العمر : 51

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى