هيلاري أسقف بواتييه القديس
صفحة 1 من اصل 1
هيلاري أسقف بواتييه القديس
هيلاري أسقف بواتييه القديس
هو أسقف مدينة بواتييه ولاهوتي وأحد آباء الكنيسة في القرن الرابع، كان معاصرًا للبابا أثناسيوس الرسولي. كثيرًا ما كان القديس أغسطينوس يستعين به في مقاومته البيلاجيين Pelagians. ويصفه القديس جيروم بأنه: "من أكثر الرجال فصاحة وقوة من اللاتين في مقاومة الأريوسيين". نشأته وُلد هيلاري في بواتييه وكانت أسرته من أشراف بلاد الغال Gaul (فرنسا). نال قسطًا وافرًا من الفلسفة والتعليم الكلاسيكي. يقول عن نفسه أنه نشأ وثنيًا، ويعطينا وصفًا تفصيليًا للخطوات التي اتخذها معه اللَّه ليتعرف على الإيمان الصحيح. كان هيلاري يعتقد من الناحية المنطقية أن الإنسان مخلوق حر، ذو مبادئ، وموضوع في هذا العالم ليمارس الصبر والنسك والفضائل الأخرى، التي بها ينال المكافأة بعد انتهاء هذه الحياة. ثم أخذ يسعى في شغف ليتعلم عن اللَّه، وبسرعة اكتشف كذب الاعتقاد بتعدد الآلهة، واقتنع أنه لا يمكن أن يكون هناك إلا إله واحد، وأنه لابد أن يكون أبديًا وغير متغير وكليّ القدرة والعلة الأولى ومُبدع كل الأشياء. بهذه الخلفية وبهذا الاعتقاد تقابل مع الكتاب المقدس وتأثر بشدة من الوصف السامي الذي به يصف موسى اللَّه ومن الكلمات التي تعبر عن وجوده الذاتي: "أنا الذي هو I Am Who Am". كما تأثر أيضًا من فكرة سلطانه الفائق التي عبّر عنها ووصفها الأنبياء. ثم كمَّلت قراءة العهد الجديد الإجابة عن استفساراته، وتعلم من الإصحاح الأول لإنجيل يوحنا أن الكلمة المتجسد، اللَّه الابن، مساوي في الوجود والأبدية مع الآب، وواحد معه في ذات الجوهر. وهكذا إذ بلغ إلى معرفة الإيمان الصحيح نال المعمودية في سنٍ متقدم نسبيًا. سيامته أسقفًا كان هيلاري متزوجًا قبل مسيحيته وله ابنة اسمها أبرا Apra، وكانت زوجته مازالت موجودة حين اختير أسقفًا لبواتييه حوالي سنة 350م. وقد حاول بكل قوته الهروب من هذه الكرامة ولكن كان هذا دافع للشعب للتمسك باختياره أكثر، وبالفعل لم تخب توقعاتهم إذ ظهرت فضائله وصفاته المتميزة التي لفتت الأنظار إليه، ليس في بلاد الغال فقط بل وفي الكنيسة بأسرها. كان هيلاري واعظًا وشاعرًا، وكان يعتبرها مسئولية حياته أن يشهد عن اللَّه لكل العالم ويقود الناس كلهم إلى محبة اللَّه، وكان دائمًا يدعو الجميع أن يبدأوا كل أعمالهم بالصلاة. وكان يشتهي أن ينهي حياته مستشهدًا، وفي محبته للحق لا يخاف من أي ألم يتحمله في سبيل الدفاع عنه. نفيه حين عقد الإمبراطور قنسطنس (قنسطنطيوس) Constantius مجمع ميلان سنة 355م الذي حضره من أساقفة الغرب ثلاثمائة أسقف، بينما لم يحضره من أساقفة الشرق غير عدد قليل، طلب من كل الأساقفة المجتمعين توقيع الحرم على القديس أثناسيوس وهدّد من رفض منهم أن ينفيه. نجح الأريوسيون في إقناع الأساقفة الغربيين بوجوب عزله. بيد أن الشجاعة الرسولية لم تلبث أن تجلّت في ستة من هؤلاء الأساقفة الغربيين، وهم الذين تجرأوا من الثلاثمائة أسقف على إعلان الحق. هؤلاء الستة هم القديس يوسابيوس أسقف فرسيل St. Eusebius of Vercelli ولوسيفر أسقف كجلياري Lucifer of Cagliari والقديس ديونيسيوس أسقف ميلان St. Dionysius of Milan وبولينوس أسقف تريف وروديانوس أسقف تولوز وهيلاري أسقف بواتييه. تجاسر هؤلاء الستة على الوقوف في وجه آباء المجمع ونقض ما اتهموا به ذلك البابا السكندري العظيم معلنين ولاءهم له، فكان نصيبهم النفي والتشريد. أغلب الأساقفة في مجمع آرل ومجمع ميلان سنة 355م، أطاعوا أمر الإمبراطور برفض تعليم أثناسيوس عن مساواة الابن للآب في ذات الجوهر. وإذ لم يكن هيلاري حاضرًا استدعى عام 356م إلى Béziérs وإذ رفض إدانة القديس أثناسيوس طُرد من الغرب. كتب القديس هيلاري "الكتاب الأول لقسطنطيوس" طلب فيه العمل على إعادة السلام للكنيسة، عازلاً نفسه عن الأساقفة الأريوسيين الغربيين الثلاثة: يورساكيوس Ursacius وفالنس Valens وساتورنينوس Saturninus. فأرسل الإمبراطور إلى يوليانوس، الذي سمي فيما بعد الجاحد، الذي كان في ذلك الوقت حاكم بلاد الغال، يأمره بنفي هيلاري في الحال إلى فريجية Phrygia. ذهب القديس هيلاري إلى المنفى حوالي منتصف عام 356م سعيدًا كما لو كان ذاهبًا إلى رحلة ترفيهية، متحملاً الصعاب والمخاطر والأعداء، إذ كان مثبتًا أفكاره في اللَّه فقط. بقي في منفاه نحو ثلاث سنوات قضاها في كتابة بعض الأعمال، أهمها كان كتابه "عن الثالوث القدوس On the Trinity"، غالبًا ما كتب الفصول الثلاثة الأولى قبل عام 356م. أثناء نفيه في الشرق تعلم هيلاري اليونانية ودرس كتابات الآباء الشرقيين، فصارت له معرفة كاملة بمجمع نيقية عام 325م وأدرك معنى تعبير hemoousion. لم يذكر هذا التعبير في كتبه الثلاثة الأولى من عمله "عن الثالوث"، إنما وجد في التسع كتب الأخيرة، كُتب بين 356 و 360م. ويرتبط اسم هيلاري بأول ترانيم كُتِبت باللاتينية. مجمع الأريوسيين في سِليوكية حضر هيلاري مجمع سيلوكية حيث دافع عن التعليم الأرثوذكسي بخصوص الثالوث، ومجمع Rimini مرة أخرى في عام 359م يتدخل الإمبراطور في شئون الكنيسة، فيعقد مجمعًا من الأريوسيين في سيلوكية Seleucia in Isauria ليعادي قرارات مجمع نيقية. كان القديس هيلاري قد قضى في ذلك الوقت ثلاث سنوات في المنفى، فدعاه شبه الأريوسيين semi-Arians إلى المجمع، آملين بذلك أن يكون مفيدًا ومؤيدًا لجماعتهم. إلا أنه لم يكن ممكنًا لأية اعتبارات بشرية أن تثني القديس عن شجاعته. فدافع بمنتهى القوة والشدة عن قرارات مجمع نيقية، حتى أنه في النهاية إذ تعب من كثرة الجدل والاختلاف انسحب إلى القسطنطينية وقدم للإمبراطور طلبًا وهو المسمى "الكتاب الثاني لقنسطنس Second Book to Constantius "، طالبًا منه في بدايته أن يسمح بعقد مناقشة عامة مع ساتورنينوس الذي أصدر أمر نفيه. إذ خاف الأريوسيون من تلك المواجهة أقنعوا الإمبراطور بتطهير الشرق من رجلٍ لا يكل عن أن يحرمهم من السلام، فأعاده قسطنطيوس إلى بلاد الغال سنة 360م. مجمع في بلاد الغال عاد هيلاري عن طريق الليريكوم Illyricum وإيطاليا حتى يثبت الضعفاء، واستقبله شعب بواتييه بمظاهرات الفرح العظيم. وهناك انضم إليه بعد زمان تلميذه القديم القديس مارتان St. Martin. انعقد مجمع في بلاد الغال بدعوة من هيلاري، وقرر رفض قرارات مجمع ريميني Rimini الذي عقد سنة 359م، حيث ألزم قنسطستوس الأساقفة الأرثوذكس أن يرفضوا قانون الإيمان النيقوي بإعلانهم أن الكلمة كان شبه الآب في كل شيء "مما يحمل جحد كمال لاهوت السيد المسيح. كما قرر المجمع في بلاد الغال حرم ساتورنينوس وقطعه من شركة الكنيسة. ثم عمل القديس على إعادة النظام والانضباط والسلام ونقاوة الإيمان، وبموت الإمبراطور قسطنطيوس سنة 361م انتهى عصر الاضطهاد الأريوسي. سفره إلى ميلان وفي سنة 364م سافر هيلاري إلى ميلان لمناقشة أوكسنتيوس Auxentius أسقف المدينة الأريوسي لكي يردّه إلى الإيمان، وفي مناقشة علنية أجبره على الاعتراف بالمسيح أنه الإله الحقيقي من نفس طبيعة ولاهوت الآب. أخيرًا تنيّح القديس هيلاري في الغالب سنة 368م. كتاباته بعد سيامته مباشرة، وقبل نفيه، قام بكتابة شرح لإنجيل القديس متى Tractutis super Matthaeum وهو مازال موجودًا للآن. بعد نفيه كتب "عظات عن المزامير" استوحاها عن العلامة أوريجينوس. اهتم بكتابة الكثير من الردود حول البدعة الأريوسية. ويُدعى القديس هيلاري "أثناسيوس الغرب"، فقد كرز وكتب واحتمل النفي دفاعًا عن لاهوت السيد المسيح. دفعته غيرته على تثقيف شعب إلى كتابة "عن الثالوث". اهتم عمله "عن الثالوث" بصفة خاصة بالتعليم اللاهوتي عن الثالوث القدوس في العبارات الواردة بالكتاب المقدس التي تعلن مساواة الابن للآب في ذات الجوهر. عوض تحليل الرأي الأريوسي الخاص "بعدم الولادة" كأمر جوهري يخص اللاهوت ركز هيلاري على الطبيعة الإلهية للابن المولود. كتب "عن المجامع" في النفي حيث فيه أوضح شروحات قوانين الإيمان وعدم ارتياح الشرق لتعبير homoousios (جوهر واحد). شرح أيضًا العوامل التاريخية للأريوسية في Fragnenta ex apere historica. وجه عمله ضد قنسطنطيوس الثاني Constantium Contra الذي سبب انقسامًا في الكنيسة بتدخله في الشئون الدينية. اضطر الإمبراطور أن يلغي قرار نفيه بعد أن وجد أن وجود هيلاري في الشرق يسبب له متاعب بتمسكه بأرثوذكسيته. أُرسل إلى بلاد الغال حيث عمل بكل غيرة بالتعليم عن وحدة الثالوث القدوس؛ ذهب إلى إيطاليا وعاد إلى الغال. أكد هيلاري الحاجة إلى الإيمان بالثالوث القدوس كما علّمه السيد المسيح فاعتبر من أهم أعماله كتاب De fide "عن الإيمان". لقد أوضح أن وجود اللَّه يمكن التعرف عليه بالعقل وأما طبيعة اللَّه فلا يمكن إدراكها. معرفة الثالوث تتحقق بواسطة إعلان الابن يقول الابن: "أنا فيك وأنت فيّ" (يو4:14). ينسب هيلاري للروح القدس ذات سمات الآب والابن. في الواقع قدم هيلاري للغرب الغنى اللاهوتي الذي للشرق في عام 1851م. أعلن بيوس التاسع Pius عنه كمعلم doctor للكنيسة الجامعة. تعتبره الكنيسة الغربية واضع ألحان إذ وضع ثلاثة ألحان لم تكمل. يعيّد له الغرب في 14 يناير. رؤية الله "هو يكشف العمائق والأسرار. يعلم ما هو في الظلمة، وعنده يسكن النور" (دا 22:2). لا نستطيع بقدرتنا الطبيعية أن نتأمل السماويات. علينا أن نتعلم عن اللَّه من اللَّه، فليس لنا مصدر للمعرفة سوى شخص اللَّه. ربما تكون مدربًا حسنًا في الفلسفة الزمنية، ليكن! ربما تعيش الحياة الصالحة، هذا كله قد يُضيف إليك شبعًا عقليًا، لكن لن يقدم لك معرفة اللَّه. لقد تبنّت الملكة "ابنة فرعون" موسى واتخذته لها ابنًا، وتهذّب موسى بكل حكمة المصريين. وبسبب ولائه لشعبه انتقم موسى لليهودي بقتل المصري الذي أساء إليه. لكنه بالرغم من أنه لم يعرف اللَّه الذي بارك آبائه، لأنه عندما ترك مصر خوفًا من عمله الذي أُكتشف عاش كراعٍ في أرض مديان. هناك رأى نارًا في عُليقة والعليقة لم تحترق. ثم سمع صوت اللَّه وسأله عن اسمه وتعلم ما هي طبيعة اللَّه. ورغم كل ذلك لم يستطع أن يعرف شيئًا إلا خلال اللَّه نفسه. يجب علينا نحن أيضًا بالمثل أن تكون حدود كلماتنا عن اللَّه في نطاق الكلمات التي تكلم بها اللَّه معنا عن نفسه
هو أسقف مدينة بواتييه ولاهوتي وأحد آباء الكنيسة في القرن الرابع، كان معاصرًا للبابا أثناسيوس الرسولي. كثيرًا ما كان القديس أغسطينوس يستعين به في مقاومته البيلاجيين Pelagians. ويصفه القديس جيروم بأنه: "من أكثر الرجال فصاحة وقوة من اللاتين في مقاومة الأريوسيين". نشأته وُلد هيلاري في بواتييه وكانت أسرته من أشراف بلاد الغال Gaul (فرنسا). نال قسطًا وافرًا من الفلسفة والتعليم الكلاسيكي. يقول عن نفسه أنه نشأ وثنيًا، ويعطينا وصفًا تفصيليًا للخطوات التي اتخذها معه اللَّه ليتعرف على الإيمان الصحيح. كان هيلاري يعتقد من الناحية المنطقية أن الإنسان مخلوق حر، ذو مبادئ، وموضوع في هذا العالم ليمارس الصبر والنسك والفضائل الأخرى، التي بها ينال المكافأة بعد انتهاء هذه الحياة. ثم أخذ يسعى في شغف ليتعلم عن اللَّه، وبسرعة اكتشف كذب الاعتقاد بتعدد الآلهة، واقتنع أنه لا يمكن أن يكون هناك إلا إله واحد، وأنه لابد أن يكون أبديًا وغير متغير وكليّ القدرة والعلة الأولى ومُبدع كل الأشياء. بهذه الخلفية وبهذا الاعتقاد تقابل مع الكتاب المقدس وتأثر بشدة من الوصف السامي الذي به يصف موسى اللَّه ومن الكلمات التي تعبر عن وجوده الذاتي: "أنا الذي هو I Am Who Am". كما تأثر أيضًا من فكرة سلطانه الفائق التي عبّر عنها ووصفها الأنبياء. ثم كمَّلت قراءة العهد الجديد الإجابة عن استفساراته، وتعلم من الإصحاح الأول لإنجيل يوحنا أن الكلمة المتجسد، اللَّه الابن، مساوي في الوجود والأبدية مع الآب، وواحد معه في ذات الجوهر. وهكذا إذ بلغ إلى معرفة الإيمان الصحيح نال المعمودية في سنٍ متقدم نسبيًا. سيامته أسقفًا كان هيلاري متزوجًا قبل مسيحيته وله ابنة اسمها أبرا Apra، وكانت زوجته مازالت موجودة حين اختير أسقفًا لبواتييه حوالي سنة 350م. وقد حاول بكل قوته الهروب من هذه الكرامة ولكن كان هذا دافع للشعب للتمسك باختياره أكثر، وبالفعل لم تخب توقعاتهم إذ ظهرت فضائله وصفاته المتميزة التي لفتت الأنظار إليه، ليس في بلاد الغال فقط بل وفي الكنيسة بأسرها. كان هيلاري واعظًا وشاعرًا، وكان يعتبرها مسئولية حياته أن يشهد عن اللَّه لكل العالم ويقود الناس كلهم إلى محبة اللَّه، وكان دائمًا يدعو الجميع أن يبدأوا كل أعمالهم بالصلاة. وكان يشتهي أن ينهي حياته مستشهدًا، وفي محبته للحق لا يخاف من أي ألم يتحمله في سبيل الدفاع عنه. نفيه حين عقد الإمبراطور قنسطنس (قنسطنطيوس) Constantius مجمع ميلان سنة 355م الذي حضره من أساقفة الغرب ثلاثمائة أسقف، بينما لم يحضره من أساقفة الشرق غير عدد قليل، طلب من كل الأساقفة المجتمعين توقيع الحرم على القديس أثناسيوس وهدّد من رفض منهم أن ينفيه. نجح الأريوسيون في إقناع الأساقفة الغربيين بوجوب عزله. بيد أن الشجاعة الرسولية لم تلبث أن تجلّت في ستة من هؤلاء الأساقفة الغربيين، وهم الذين تجرأوا من الثلاثمائة أسقف على إعلان الحق. هؤلاء الستة هم القديس يوسابيوس أسقف فرسيل St. Eusebius of Vercelli ولوسيفر أسقف كجلياري Lucifer of Cagliari والقديس ديونيسيوس أسقف ميلان St. Dionysius of Milan وبولينوس أسقف تريف وروديانوس أسقف تولوز وهيلاري أسقف بواتييه. تجاسر هؤلاء الستة على الوقوف في وجه آباء المجمع ونقض ما اتهموا به ذلك البابا السكندري العظيم معلنين ولاءهم له، فكان نصيبهم النفي والتشريد. أغلب الأساقفة في مجمع آرل ومجمع ميلان سنة 355م، أطاعوا أمر الإمبراطور برفض تعليم أثناسيوس عن مساواة الابن للآب في ذات الجوهر. وإذ لم يكن هيلاري حاضرًا استدعى عام 356م إلى Béziérs وإذ رفض إدانة القديس أثناسيوس طُرد من الغرب. كتب القديس هيلاري "الكتاب الأول لقسطنطيوس" طلب فيه العمل على إعادة السلام للكنيسة، عازلاً نفسه عن الأساقفة الأريوسيين الغربيين الثلاثة: يورساكيوس Ursacius وفالنس Valens وساتورنينوس Saturninus. فأرسل الإمبراطور إلى يوليانوس، الذي سمي فيما بعد الجاحد، الذي كان في ذلك الوقت حاكم بلاد الغال، يأمره بنفي هيلاري في الحال إلى فريجية Phrygia. ذهب القديس هيلاري إلى المنفى حوالي منتصف عام 356م سعيدًا كما لو كان ذاهبًا إلى رحلة ترفيهية، متحملاً الصعاب والمخاطر والأعداء، إذ كان مثبتًا أفكاره في اللَّه فقط. بقي في منفاه نحو ثلاث سنوات قضاها في كتابة بعض الأعمال، أهمها كان كتابه "عن الثالوث القدوس On the Trinity"، غالبًا ما كتب الفصول الثلاثة الأولى قبل عام 356م. أثناء نفيه في الشرق تعلم هيلاري اليونانية ودرس كتابات الآباء الشرقيين، فصارت له معرفة كاملة بمجمع نيقية عام 325م وأدرك معنى تعبير hemoousion. لم يذكر هذا التعبير في كتبه الثلاثة الأولى من عمله "عن الثالوث"، إنما وجد في التسع كتب الأخيرة، كُتب بين 356 و 360م. ويرتبط اسم هيلاري بأول ترانيم كُتِبت باللاتينية. مجمع الأريوسيين في سِليوكية حضر هيلاري مجمع سيلوكية حيث دافع عن التعليم الأرثوذكسي بخصوص الثالوث، ومجمع Rimini مرة أخرى في عام 359م يتدخل الإمبراطور في شئون الكنيسة، فيعقد مجمعًا من الأريوسيين في سيلوكية Seleucia in Isauria ليعادي قرارات مجمع نيقية. كان القديس هيلاري قد قضى في ذلك الوقت ثلاث سنوات في المنفى، فدعاه شبه الأريوسيين semi-Arians إلى المجمع، آملين بذلك أن يكون مفيدًا ومؤيدًا لجماعتهم. إلا أنه لم يكن ممكنًا لأية اعتبارات بشرية أن تثني القديس عن شجاعته. فدافع بمنتهى القوة والشدة عن قرارات مجمع نيقية، حتى أنه في النهاية إذ تعب من كثرة الجدل والاختلاف انسحب إلى القسطنطينية وقدم للإمبراطور طلبًا وهو المسمى "الكتاب الثاني لقنسطنس Second Book to Constantius "، طالبًا منه في بدايته أن يسمح بعقد مناقشة عامة مع ساتورنينوس الذي أصدر أمر نفيه. إذ خاف الأريوسيون من تلك المواجهة أقنعوا الإمبراطور بتطهير الشرق من رجلٍ لا يكل عن أن يحرمهم من السلام، فأعاده قسطنطيوس إلى بلاد الغال سنة 360م. مجمع في بلاد الغال عاد هيلاري عن طريق الليريكوم Illyricum وإيطاليا حتى يثبت الضعفاء، واستقبله شعب بواتييه بمظاهرات الفرح العظيم. وهناك انضم إليه بعد زمان تلميذه القديم القديس مارتان St. Martin. انعقد مجمع في بلاد الغال بدعوة من هيلاري، وقرر رفض قرارات مجمع ريميني Rimini الذي عقد سنة 359م، حيث ألزم قنسطستوس الأساقفة الأرثوذكس أن يرفضوا قانون الإيمان النيقوي بإعلانهم أن الكلمة كان شبه الآب في كل شيء "مما يحمل جحد كمال لاهوت السيد المسيح. كما قرر المجمع في بلاد الغال حرم ساتورنينوس وقطعه من شركة الكنيسة. ثم عمل القديس على إعادة النظام والانضباط والسلام ونقاوة الإيمان، وبموت الإمبراطور قسطنطيوس سنة 361م انتهى عصر الاضطهاد الأريوسي. سفره إلى ميلان وفي سنة 364م سافر هيلاري إلى ميلان لمناقشة أوكسنتيوس Auxentius أسقف المدينة الأريوسي لكي يردّه إلى الإيمان، وفي مناقشة علنية أجبره على الاعتراف بالمسيح أنه الإله الحقيقي من نفس طبيعة ولاهوت الآب. أخيرًا تنيّح القديس هيلاري في الغالب سنة 368م. كتاباته بعد سيامته مباشرة، وقبل نفيه، قام بكتابة شرح لإنجيل القديس متى Tractutis super Matthaeum وهو مازال موجودًا للآن. بعد نفيه كتب "عظات عن المزامير" استوحاها عن العلامة أوريجينوس. اهتم بكتابة الكثير من الردود حول البدعة الأريوسية. ويُدعى القديس هيلاري "أثناسيوس الغرب"، فقد كرز وكتب واحتمل النفي دفاعًا عن لاهوت السيد المسيح. دفعته غيرته على تثقيف شعب إلى كتابة "عن الثالوث". اهتم عمله "عن الثالوث" بصفة خاصة بالتعليم اللاهوتي عن الثالوث القدوس في العبارات الواردة بالكتاب المقدس التي تعلن مساواة الابن للآب في ذات الجوهر. عوض تحليل الرأي الأريوسي الخاص "بعدم الولادة" كأمر جوهري يخص اللاهوت ركز هيلاري على الطبيعة الإلهية للابن المولود. كتب "عن المجامع" في النفي حيث فيه أوضح شروحات قوانين الإيمان وعدم ارتياح الشرق لتعبير homoousios (جوهر واحد). شرح أيضًا العوامل التاريخية للأريوسية في Fragnenta ex apere historica. وجه عمله ضد قنسطنطيوس الثاني Constantium Contra الذي سبب انقسامًا في الكنيسة بتدخله في الشئون الدينية. اضطر الإمبراطور أن يلغي قرار نفيه بعد أن وجد أن وجود هيلاري في الشرق يسبب له متاعب بتمسكه بأرثوذكسيته. أُرسل إلى بلاد الغال حيث عمل بكل غيرة بالتعليم عن وحدة الثالوث القدوس؛ ذهب إلى إيطاليا وعاد إلى الغال. أكد هيلاري الحاجة إلى الإيمان بالثالوث القدوس كما علّمه السيد المسيح فاعتبر من أهم أعماله كتاب De fide "عن الإيمان". لقد أوضح أن وجود اللَّه يمكن التعرف عليه بالعقل وأما طبيعة اللَّه فلا يمكن إدراكها. معرفة الثالوث تتحقق بواسطة إعلان الابن يقول الابن: "أنا فيك وأنت فيّ" (يو4:14). ينسب هيلاري للروح القدس ذات سمات الآب والابن. في الواقع قدم هيلاري للغرب الغنى اللاهوتي الذي للشرق في عام 1851م. أعلن بيوس التاسع Pius عنه كمعلم doctor للكنيسة الجامعة. تعتبره الكنيسة الغربية واضع ألحان إذ وضع ثلاثة ألحان لم تكمل. يعيّد له الغرب في 14 يناير. رؤية الله "هو يكشف العمائق والأسرار. يعلم ما هو في الظلمة، وعنده يسكن النور" (دا 22:2). لا نستطيع بقدرتنا الطبيعية أن نتأمل السماويات. علينا أن نتعلم عن اللَّه من اللَّه، فليس لنا مصدر للمعرفة سوى شخص اللَّه. ربما تكون مدربًا حسنًا في الفلسفة الزمنية، ليكن! ربما تعيش الحياة الصالحة، هذا كله قد يُضيف إليك شبعًا عقليًا، لكن لن يقدم لك معرفة اللَّه. لقد تبنّت الملكة "ابنة فرعون" موسى واتخذته لها ابنًا، وتهذّب موسى بكل حكمة المصريين. وبسبب ولائه لشعبه انتقم موسى لليهودي بقتل المصري الذي أساء إليه. لكنه بالرغم من أنه لم يعرف اللَّه الذي بارك آبائه، لأنه عندما ترك مصر خوفًا من عمله الذي أُكتشف عاش كراعٍ في أرض مديان. هناك رأى نارًا في عُليقة والعليقة لم تحترق. ثم سمع صوت اللَّه وسأله عن اسمه وتعلم ما هي طبيعة اللَّه. ورغم كل ذلك لم يستطع أن يعرف شيئًا إلا خلال اللَّه نفسه. يجب علينا نحن أيضًا بالمثل أن تكون حدود كلماتنا عن اللَّه في نطاق الكلمات التي تكلم بها اللَّه معنا عن نفسه
ابو ماضى- مراقب عام المنتدى
- عدد المساهمات : 440
تاريخ التسجيل : 23/05/2010
العمر : 51
مواضيع مماثلة
» هيلاري أسقف آرل القديس
» مويسيس أسقف أوسيم القديس
» موسى المتوحد القديس
» موسى الليبي القديس
» نينيان الأسقف القديس
» مويسيس أسقف أوسيم القديس
» موسى المتوحد القديس
» موسى الليبي القديس
» نينيان الأسقف القديس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى