طبيب مصري قبطى يعمل فى أنجلترا يحصل علي لقب سير
صفحة 1 من اصل 1
طبيب مصري قبطى يعمل فى أنجلترا يحصل علي لقب سير
جريدة وطنى بتاريخ 23/9/2007م السنة 49 العدد 2387 [ طبيب مصري يحصل علي لقب سير لأبحاثه المتقدمة ] من لندن: تهاني ابراهيم
انه أحد الاعلام المصرية في الخارج .. في سنوات قليلة أصبح استشاريا في الامراض النفسية في مستشفي الملكة اليزابيث في برمنجهام بالمملكة المتحدة واستاذا مساعدا في جامعة ستافورد شاير .. ومنحته اللجنة الاوربية لقب سير نتيجة ابحاثه المتميزة والمفيدة للبشرية .. انه النابغة الدكتور جورج تادرس, وهو من مواليد عام 1962 ويقيم في برمنجهام مع زوجته نرمين وابنتيهما ماريا (15 سنة ) واجيا (7 سنوات) ..
تخرج في كلية طب الاسكندرية عام ..1986 بعد التدريب التحق بوظيفة اخصائي في مستشفي المعمورة ثم أصبح رئيسا لقسم الامراض النفسية والعصبية بمستشفي شرق المدينة (مستشفي جيهان) حيث كان أصغر رئيس قسم .. في عام 1994 تقدم لامتحان تابع للكلية الملكية البريطانية للامراض النفسية مع 30 طبيبا من الشرق الاوسط.. نجح في الامتحان مع أربعة آخرين.. في العام التالي طلب منه الحضور الي بريطانيا للتدريب في قسم الامراض النفسية.. اجتاز التدريب ونجح في الحصول علي زمالة الكلية الملكية البريطانية في وقت قصير في عام 1998 , ثم تقدم للتدريب علي مستوي متقدم وتخصص في الامراض النفسية لكبار السن .
في هذا الحديث نتعرف علي الدكتور جورج تادرس وأبحاثه التي جذبت أهتمام وسائل الاعلام العالمية.
* ما المناصب التي شغلتها هنا في بريطانيا؟
** بعد اتمام التدريب عينت استشاريا للامراض النفسية لكبار السن في عام 2001 في مستشفي جامعة الملكة اليزابيث في برمنجهام , وهذا من فضل ربي لان هذا المستشفي هو أكبر مستشفي للامراض النفسية في وسط انجلترا . هذا هيأ لي فرصة عظيمة للتدريب في الجامعة واجراء ابحاث. وبعد عام عينت في وظيفة كبير مدرسين في جامعة برمنجهام. وهنا أنشأت برنامج ماجستير للامراض النفسية لكبار السن في عام 2003 لتدريس الاطباء والتخصصات المختلفة في الامراض النفسية لكبار السن ثم أصبحت مديرا لهذا البرنامج. في ذلك الوقت كنت أعد لرسالة الدكتوراه التي حصلت عليها عام 2004 . كان موضوع الرسالة هو مقارنة الانتحار بين صغار السن وكبار السن. في أول هذا العام, 2007, عينت أستاذا مساعدا في جامعة ستافوردشاير الي جانب عملي في مستشفي جامعة برمنجهام. أعمل في الجامعة لمدة يوما واحدا وبقية أيام الاسبوع في المستشفي.
* لماذا أخترت التخصص في الامراض النفسية لكبار السن بالذات ؟
** إن الاهتمام بكبار السن وتلبية احتياجاتهم قليلة للغاية , حتي هنا في بريطانيا, فالاهتمام يتجه دائما الي صغار السن . بالنسبة لي فقد أحسست بان لي رسالة مع كبار السن , وخاصة اني كنت أفكر في العودة الي مصر حيث لا يوجد تخصص في الامراض النفسيه لكبار السن. ان هناك تفاعلا كبيرا بين الامراض العضوية والامراض النفسية لكبار السن , فان الشخص المصاب بأزمة قلبية قد تتغير حياته لعدم تمكنه من القيام ببعض المهام وبالتالي يحدث له اكتئاب . أحيانا الادوية التي تستخدم في علاج الامراض العضوية لكبار السن تسبب اكتئابا مثل أدوية الضغط والبروستاتا. كما ان مريض الامراض النفسية وبسبب الضغط العصبي , يمكن ان يصاب بأمراض عضوية مثل السكر وارتفاع ضغط الدم وقرحة المعدة. من هنا فان طبيب الامراض النفسية لكبار السن من المفروض أن يكون لديه دراية بالامراض العضوية والنفسية في نفس الوقت.
* في مقارنة بين عملك في المستشفي وعملك في الجامعة, ماذا تقول؟
** ان عملي في المستشفي والجامعة يكمل كل منهما الاخر. العمل في المستشفي يعطيني خبرة في الامراض النفسية ويفتح امامي المجال لاجراء ابحاث في المستشفي , لكن الجامعة تتيح لي فرصة تدريس المواد التي اشتغل فيها والاشراف علي الرسائل الجامعية. في بحث أجريته علي رجال البوليس ومعلوماتهم عن أمراض الشيخوخة , وجدت ان معلوماتهم قليلة لذلك أقدم لهم تدريبا علي مدي ثلاث سنوات عن الامراض النفسية وتأثيرها علي كبار السن. وهناك اتصالات بيني وبين قسم الدراسات الروحية بالجامعة. هذا القسم يهتم بالقاء الضوء علي العلاقات بين كل انواع الاديان والامراض النفسية. من خلال الدين نحاول مساعدة الناس عن طريق التصالح مع النفس. المشكلة في الطب ان الناس التي تهتم بامراض الجسد تعمل بطريقة منفصلة عن الناس الي تعمل في الأمراض النفسية أو القيادات الدينية, لكن ولكي نساعد الانسان لا بد وان نهتم بالروح والنفس والجسد. ان المجموعة التي أعمل معها مهتمة بالدراسات المسيحية وهناك انفتاح للافكار الارثوذكسية بالذات.
* ما علاقة الدراسات الارثوذكسية بالامراض النفسية؟
** ان هذه الدراسات يمكن ان تفيد في علاج الامراض النفسية. يعجبني أفكار الآباء الاوائل وخاصة فكر القديس مكاريوس الكبير الذي يتحدث عن قيمة الانسان ويوضح في عظته الاولي ان الانسان هو عروس المسيح. انه يرفع من قيمة الانسان امام نفسه لأنه ابن للمسيح. لو نظرنا مثلا الي الاكتئاب الذي يؤدي الي الانتحار سوف نجد ان أساسه هو شعور الانسان بعدم قيمته. ان أفكار هذا القديس هي من أحلي الافكار التي تقرب ما بين الروح والنفس والجسد, لذلك يمكن استخدام أفكاره في العلاج النفسي. لقد عاش القديس مكاريوس الكبير (ابو مقار) , في برية شيهيت, ومعناها ميزان القلوب, (حاليا وادي النطرون), في القرن الرابع , وكانت كتاباته متفتحة لذلك نجد كثيرا من الكنائس الغربية تحب كتاباته , وكان جون ويسلي مؤسس الكنيسة الميثوديست هو أول من ترجم أعماله الي الانجليزية بل ان كثير من الترانيم متخذة من عظات هذا القديس.
* ماذا وجدت من خلال مقارنتك للانتحار بين كبار السن وصغار السن ؟
** السبب الرئيسي للانتحار بين كبار السن هو الوحدة والاكتئاب والالم العضوي. لكن بالنسبة لصغار السن فهو أضطرابات العلاقات والاحتياج المادي . في انجلترا وجدنا زيادة نسبة الانتحار بين الصغار في فصل الربيع. هذا يعود الي ان الناس في الشتاء تنتظر قدوم الربيع ومعه الفرج . ولكن عندما يجيء الربيع ولا يحدث تغيير, يشعر مصاب الاكتئاب بعدم وجود فائدة لذلك يلجأ الي الانتحار. بالنسبة لكبار السن وجد أن فصل الصيف هو الفصل الذي تكثر فيه حوادث الانتحار بينهم وذلك لان كبار السن يكونوا محاطين بالاصدقاء خلال السنة فيما عدا فترة الصيف حيث يذهب هؤلاء بعيدا في اجازاتهم الصيفية وبالتالي يبقي كبار السن لوحدهم , والعكس يحدث في الجزء الجنوبي من الكرة الارضية ولنفس الاسباب .
* هل هناك أسباب أخري للانتحار؟
** المريض قد يدخل في حاله من اليأس وهذا يدفعه الي الانتحار . من الاسباب الاخري للانتحار, الادمان وتعاطي الخمور والمخدرات خاصة الهيروين . الادمان هو عبارة عن تحطيم للذات, والمدمن لا يدرك هذه الحقيقة مما يجعله يحس بانه عديم الفائده وبالتالي يقدم علي الانتحار. لذلك من المهم علاج الادمان والامراض المستعصية لمكافحة الانتحار .
* وهل الانتحار جريمة يعاقب عليها القانون هنا؟
** الانتحار في انجلترا ليس جريمة. لقد كانت الانتحار حتي عام 1962 جريمة أما الآن فان الشخص الذي هو بكامل قواه العقلية حر في تصرفاته. لكن المشكلة ان المريض الذي يحاول الانتحار ويكون لديه اختلال عقلي بسبب الادمان أو الاكتئاب أو الامراض النفسية , يحدث له اختلال في التفكير ويصبح المريض غير مسئول عن تصرفاته وغير قادر علي اتخاذ قرار صائب , لذلك نهتم بمعالجة المريض في هذه المرحلة. وبعد أن نعالجه فهو يشكر الله ويرفض فكرة الانتحار. لكن توجد تيارات فكرية تطالبنا بأن نترك هؤلاء يفعلون ما يحلو لهم.
* ما أهم الابحاث التي قمت بها ؟
** من أهم الأبحاث تحليلي لقصيدة كتبها كاتب فرعوني يعتقد انها للفلاح الفصيح, منذ الفي عام قبل الميلاد. هذه القصيدة موجودة في متحف برلين لكني كنت أول شخص يقوم بتحليل محتوي الكلام وبالتالي أول شخص يبحث في تفكير الانتحار عند قدماء المصريين , واتصلت بي كثير من المجلات العالمية لعرض هذا البحث واجراء مقابلات معي. قد يكون هناك موقف ضد الانتحار أو موقف معه ولكنه بدون تحليل , أما الكاتب المصري القديم فانه يتخذ موقف وسط , موقف الحكيم المعتدل. الاعتدال هو في مصلحة الانسان , لانه في حالة تحريم الانتحار فان الشخص يخاف من التحدث عن مشاعره وبالتالي تتدهور حالته, وعندما يجد فرصة فانه يقدم علي الانتحار. لكننا نري ان الكاتب الفرعوني يتخذ موقفا معتدلا من المشكلة.
* ما قصة هذا الكاتب الفرعوني ؟
** هذه القصيدة من البرديات المعروفة. أثناء بحثي عن تاريخ الانتحار في الحضارات المختلفة, وجدت هذه القصيدة وعملت لها التحليل النفسي واستخدمت برنامج للكمبيوتر للمساعدة علي تحليل المحتوي وذلك في عام .2006 جاءت هذه القصيدة بعد أن طلب فرعون مصر من الكاتب أن يكتب قصيدة يحرم فيها الانتحار عندما لاحظ وجود حالات انتحار, لكن الكاتب كتب قصيدة هي عبارة عن ديالوج بين الانسان وروحه . الروح في العبادة المصرية القديمة كان له وضعا مميزا. في القصيدة نري الانسان يتكم ويشرح احساس الاكتئاب الذي يعاني منه وبغضه للحياة وعدم وجود أصدقاء له وكراهيته حتي لنفسه. لقد قدم الكاتب أروع شرح للاعراض النفسية للانتحار وهو ما نعلمه حاليا للطلبة رغم انه كتب منذ حوالي أربعة الاف سنة.. وهنا تجيء الروح وترد عليه بطريقة هادئة وتقدم الحل الواعي لمن عنده فكرة الانتحار. وتطلب من الجسد المصالحة. الحل كما قدمه الكاتب هو التصالح بين الجسد والروح. لقد قدم الحل بطريقة ناضجة. من هنا نري أن الفراعنة كان لديهم مفهوما راقيا في معالجة الامراض النفسية. وهذا بالفعل ما بدأنا حاليا نراه حلا واقعيا نستخدمه في العلاج النفسي. لقد تعاملت كل من الحضارة المصرية القديمة والدراسات القبطية مع الانتحار بطريقة جميلة ومتقدمة. لذلك نجد الغرب هنا يهتم بتعلم طريقة تعامل كل من الحضارة المصرية القديمة والدراسات القبطية مع الانتحار.
* هل الاصابة بأمراض مستعصية تقود الي الانتحار ؟
** المرض في حد ذاته ليس هو الدافع علي الانتحار , بل عدم وجود الاعتناء الواجب بالمريض أو مساندته أثناء مرضه. مثلا منذ خمسين عاما كان عدد المنتحرين من مرض هنتنجتون كوريا, Huntington's Chorea وهو من الامراض العصبية, مرتفعا , لكن حين بدأت الدولة تهتم بهؤلاء المرضي وتقدم لهم المساعدات هم وأهلهم فاننا لا نجد أي حالة انتحار بينهم خلال العشرين عاما الماضية , مع ان هذا المرض ليس له علاج للآن. هذا دليل علي أن الامراض المستعصية ليست هي السبب .
* هل هناك أعراض معينة للانتحار؟
** تبدأ داخل رأس الشخص أفكار عن انهاء حياته, ثم يبدأ في التحدث عنها مع الناس, وهنا لابد أن نأخذ الأمر بجدية. أيضا هناك الاحساس بعدم قيمة الانسان واليأس وعدم وجود أي أمل وقلة الحيلة بمعني عدم القدرة علي فعل أي شيء والشعور بالاكتئاب.
* ما أهم الابحاث الاخري التي قمت بها أيضا؟
** في عام 2001 أجريت بحثا عن وزن المخ بين مجموعتين من 200 تتشابهان في السن والجنس . المجموعة الاولي ماتت منتحرة أما المجموعة الأخري فقد توفيت نتيجة أسباب أخري. كانت النتيجة أن وزن المخ في المجموعة الاولي أثقل من وزن المخ في المجموعة الأخري . وهنا تظهر علامات استفهام! ما الذي يحدث للمخ ؟ هل هناك خلل ما يؤدي الي زيادة وزن الخ!
* ما أكثر البلاد التي بها نسبة انتحار عالية؟
** أكبر بلد بها نسبة انتحار مرتفعة كانت بلغاريا لفترة طويلة. وقد أدي تفكك الاتحاد السوفيتي الي ظهور بيانات لم تكن معروفة من قبل , اذ وجد ان الكتلة الشرقية بها نسبة عالية, أعلي من 50 في المائة الف سنويا. أيضا في سيريلانكا نجد النسبة مرتفعة . ومن المعروف ان دول البحر المتوسط نسبة الانتحار بها قليلة , حوالي خمسة في المائة ألف سنويا. هذا يعود الي الترابط الاسري في معظم بلاد البحر المتوسط والي نوعية الحياة التي تتميز بشيء من المرح والتراخي. في المملكة المتحدة تصل نسبة الانتحار الي عشرة في المائة الف . في الاقلية الاسيوية نجد نسبة الانتحار بين السيدات أعلي من نسبة الرجال, رغم ان هذا مختلف عن المعدل في بلادهم الأصلية. يرجع هذا الي احساس السيدات كبار السن بالعزلة بعد موت أزواجهن وعدم معرفتهن للغة الانجليزية وبالتالي عدم قدرتهن علي الاتصال والتحدث مع الاخرين, أما بالنسبة للفتيات الصغيرات فان نسبة ارتفاع معدل نسبة الانتحار تعود الي اجبار الاهل لهن علي الزواج المترتب . في الصين نجد نسبة الانتحار بين السيدات اكثر من الرجال , وهذا يعود الي المعاملة السيئة لهن اذ ان المصرح لها بانجاب طفل واحد مما يجعلها تعاني من أمومة مكبوتة.
* ما أهم التقديرات أو الجوائز الي حصلت عليها ؟
** أهم تقدير هو لقب سير الذي حصلت عليه في (شهر يونية الماضي). هذا لقب أوربي يقدم للشخصيات التي قدمت شيئا متميزا للبشرية ومفيدا للمجتمع . هذا اللقب الاوربي يقدم تحت رعاية الامير فريدريك, وهو يقيم في مقاطعة ما بين بلجيكا والنمسا, وأيضا تحت رعاية بطريرك الكنيسة اليونانية, سيدور الثاني. حصل علي هذا اللقب من قبل عمدة موسكو , ومهندس أعاد التخطيط المعماري الحديث لمدينة أثينا وبعض الشعراء وأساتذة الجامعات. الي جانب اللقب , فقد حصلت علي وسام الصليب للملك قسطنطين الكبير. أيضا منذ سنوات حصلت علي ميدالية من مركز برمنجهام للابحاث الطبية, , وذلك عن البحث الذي قدمته في رسالة الدكتوراه عن المقارنة بين حالات انتحار صغار السن وكبار السن. هذه الميدالية تقدم كل سنة لاحسن بحث طبي.
* ما أحدث أبحاثك وأعمالك؟
** حاليا أقوم باجراء بحث لتصميم ساعة الكترونية يلبسها مريض الألزهايمر الزهيمر أو من هو في سن الشيخوخة لمراقبة حركاته وتتبع حالته الصحية وذلك في حالة ما اذا كان الشخص يقيم بمفرده. هذه الساعة ترسل اشارات عن طريق ريموت كنترول الي مركز متخصص وذلك في حالة حدوث اية اضطرابات للشخص أو اذا تعرض للخطر, وهنا يسارع المركز الي ارسال المعونة او الاسعافات اللازمة. الهدف من هذه الساعة هي مساعدة الناس التي تفضل الاستمرار والبقاء في بيوتها عن بيوت المسنين. انها طفرة في خدمة كبار السن.
* كيف تنظر الي المستقبل؟
** أهم حاجة ان أربي أولادي في خوف الله , لقد اخترنا أسماء قبطية لأبنتي , ماريا واجيا (بمعني قديسة) وكل واحدة من بناتي تحب وتفتخر بنشأتها القبطية . واحب التأكيد علي ان النجاح يكون بالقرب من الله , وان السعي وراء النجاح بغرض الكسب هو سعي كاذب, أما اذا تمسك الانسان بالله فانه يجد فرح أكيد وسلام حقيقي.
انه أحد الاعلام المصرية في الخارج .. في سنوات قليلة أصبح استشاريا في الامراض النفسية في مستشفي الملكة اليزابيث في برمنجهام بالمملكة المتحدة واستاذا مساعدا في جامعة ستافورد شاير .. ومنحته اللجنة الاوربية لقب سير نتيجة ابحاثه المتميزة والمفيدة للبشرية .. انه النابغة الدكتور جورج تادرس, وهو من مواليد عام 1962 ويقيم في برمنجهام مع زوجته نرمين وابنتيهما ماريا (15 سنة ) واجيا (7 سنوات) ..
تخرج في كلية طب الاسكندرية عام ..1986 بعد التدريب التحق بوظيفة اخصائي في مستشفي المعمورة ثم أصبح رئيسا لقسم الامراض النفسية والعصبية بمستشفي شرق المدينة (مستشفي جيهان) حيث كان أصغر رئيس قسم .. في عام 1994 تقدم لامتحان تابع للكلية الملكية البريطانية للامراض النفسية مع 30 طبيبا من الشرق الاوسط.. نجح في الامتحان مع أربعة آخرين.. في العام التالي طلب منه الحضور الي بريطانيا للتدريب في قسم الامراض النفسية.. اجتاز التدريب ونجح في الحصول علي زمالة الكلية الملكية البريطانية في وقت قصير في عام 1998 , ثم تقدم للتدريب علي مستوي متقدم وتخصص في الامراض النفسية لكبار السن .
في هذا الحديث نتعرف علي الدكتور جورج تادرس وأبحاثه التي جذبت أهتمام وسائل الاعلام العالمية.
* ما المناصب التي شغلتها هنا في بريطانيا؟
** بعد اتمام التدريب عينت استشاريا للامراض النفسية لكبار السن في عام 2001 في مستشفي جامعة الملكة اليزابيث في برمنجهام , وهذا من فضل ربي لان هذا المستشفي هو أكبر مستشفي للامراض النفسية في وسط انجلترا . هذا هيأ لي فرصة عظيمة للتدريب في الجامعة واجراء ابحاث. وبعد عام عينت في وظيفة كبير مدرسين في جامعة برمنجهام. وهنا أنشأت برنامج ماجستير للامراض النفسية لكبار السن في عام 2003 لتدريس الاطباء والتخصصات المختلفة في الامراض النفسية لكبار السن ثم أصبحت مديرا لهذا البرنامج. في ذلك الوقت كنت أعد لرسالة الدكتوراه التي حصلت عليها عام 2004 . كان موضوع الرسالة هو مقارنة الانتحار بين صغار السن وكبار السن. في أول هذا العام, 2007, عينت أستاذا مساعدا في جامعة ستافوردشاير الي جانب عملي في مستشفي جامعة برمنجهام. أعمل في الجامعة لمدة يوما واحدا وبقية أيام الاسبوع في المستشفي.
* لماذا أخترت التخصص في الامراض النفسية لكبار السن بالذات ؟
** إن الاهتمام بكبار السن وتلبية احتياجاتهم قليلة للغاية , حتي هنا في بريطانيا, فالاهتمام يتجه دائما الي صغار السن . بالنسبة لي فقد أحسست بان لي رسالة مع كبار السن , وخاصة اني كنت أفكر في العودة الي مصر حيث لا يوجد تخصص في الامراض النفسيه لكبار السن. ان هناك تفاعلا كبيرا بين الامراض العضوية والامراض النفسية لكبار السن , فان الشخص المصاب بأزمة قلبية قد تتغير حياته لعدم تمكنه من القيام ببعض المهام وبالتالي يحدث له اكتئاب . أحيانا الادوية التي تستخدم في علاج الامراض العضوية لكبار السن تسبب اكتئابا مثل أدوية الضغط والبروستاتا. كما ان مريض الامراض النفسية وبسبب الضغط العصبي , يمكن ان يصاب بأمراض عضوية مثل السكر وارتفاع ضغط الدم وقرحة المعدة. من هنا فان طبيب الامراض النفسية لكبار السن من المفروض أن يكون لديه دراية بالامراض العضوية والنفسية في نفس الوقت.
* في مقارنة بين عملك في المستشفي وعملك في الجامعة, ماذا تقول؟
** ان عملي في المستشفي والجامعة يكمل كل منهما الاخر. العمل في المستشفي يعطيني خبرة في الامراض النفسية ويفتح امامي المجال لاجراء ابحاث في المستشفي , لكن الجامعة تتيح لي فرصة تدريس المواد التي اشتغل فيها والاشراف علي الرسائل الجامعية. في بحث أجريته علي رجال البوليس ومعلوماتهم عن أمراض الشيخوخة , وجدت ان معلوماتهم قليلة لذلك أقدم لهم تدريبا علي مدي ثلاث سنوات عن الامراض النفسية وتأثيرها علي كبار السن. وهناك اتصالات بيني وبين قسم الدراسات الروحية بالجامعة. هذا القسم يهتم بالقاء الضوء علي العلاقات بين كل انواع الاديان والامراض النفسية. من خلال الدين نحاول مساعدة الناس عن طريق التصالح مع النفس. المشكلة في الطب ان الناس التي تهتم بامراض الجسد تعمل بطريقة منفصلة عن الناس الي تعمل في الأمراض النفسية أو القيادات الدينية, لكن ولكي نساعد الانسان لا بد وان نهتم بالروح والنفس والجسد. ان المجموعة التي أعمل معها مهتمة بالدراسات المسيحية وهناك انفتاح للافكار الارثوذكسية بالذات.
* ما علاقة الدراسات الارثوذكسية بالامراض النفسية؟
** ان هذه الدراسات يمكن ان تفيد في علاج الامراض النفسية. يعجبني أفكار الآباء الاوائل وخاصة فكر القديس مكاريوس الكبير الذي يتحدث عن قيمة الانسان ويوضح في عظته الاولي ان الانسان هو عروس المسيح. انه يرفع من قيمة الانسان امام نفسه لأنه ابن للمسيح. لو نظرنا مثلا الي الاكتئاب الذي يؤدي الي الانتحار سوف نجد ان أساسه هو شعور الانسان بعدم قيمته. ان أفكار هذا القديس هي من أحلي الافكار التي تقرب ما بين الروح والنفس والجسد, لذلك يمكن استخدام أفكاره في العلاج النفسي. لقد عاش القديس مكاريوس الكبير (ابو مقار) , في برية شيهيت, ومعناها ميزان القلوب, (حاليا وادي النطرون), في القرن الرابع , وكانت كتاباته متفتحة لذلك نجد كثيرا من الكنائس الغربية تحب كتاباته , وكان جون ويسلي مؤسس الكنيسة الميثوديست هو أول من ترجم أعماله الي الانجليزية بل ان كثير من الترانيم متخذة من عظات هذا القديس.
* ماذا وجدت من خلال مقارنتك للانتحار بين كبار السن وصغار السن ؟
** السبب الرئيسي للانتحار بين كبار السن هو الوحدة والاكتئاب والالم العضوي. لكن بالنسبة لصغار السن فهو أضطرابات العلاقات والاحتياج المادي . في انجلترا وجدنا زيادة نسبة الانتحار بين الصغار في فصل الربيع. هذا يعود الي ان الناس في الشتاء تنتظر قدوم الربيع ومعه الفرج . ولكن عندما يجيء الربيع ولا يحدث تغيير, يشعر مصاب الاكتئاب بعدم وجود فائدة لذلك يلجأ الي الانتحار. بالنسبة لكبار السن وجد أن فصل الصيف هو الفصل الذي تكثر فيه حوادث الانتحار بينهم وذلك لان كبار السن يكونوا محاطين بالاصدقاء خلال السنة فيما عدا فترة الصيف حيث يذهب هؤلاء بعيدا في اجازاتهم الصيفية وبالتالي يبقي كبار السن لوحدهم , والعكس يحدث في الجزء الجنوبي من الكرة الارضية ولنفس الاسباب .
* هل هناك أسباب أخري للانتحار؟
** المريض قد يدخل في حاله من اليأس وهذا يدفعه الي الانتحار . من الاسباب الاخري للانتحار, الادمان وتعاطي الخمور والمخدرات خاصة الهيروين . الادمان هو عبارة عن تحطيم للذات, والمدمن لا يدرك هذه الحقيقة مما يجعله يحس بانه عديم الفائده وبالتالي يقدم علي الانتحار. لذلك من المهم علاج الادمان والامراض المستعصية لمكافحة الانتحار .
* وهل الانتحار جريمة يعاقب عليها القانون هنا؟
** الانتحار في انجلترا ليس جريمة. لقد كانت الانتحار حتي عام 1962 جريمة أما الآن فان الشخص الذي هو بكامل قواه العقلية حر في تصرفاته. لكن المشكلة ان المريض الذي يحاول الانتحار ويكون لديه اختلال عقلي بسبب الادمان أو الاكتئاب أو الامراض النفسية , يحدث له اختلال في التفكير ويصبح المريض غير مسئول عن تصرفاته وغير قادر علي اتخاذ قرار صائب , لذلك نهتم بمعالجة المريض في هذه المرحلة. وبعد أن نعالجه فهو يشكر الله ويرفض فكرة الانتحار. لكن توجد تيارات فكرية تطالبنا بأن نترك هؤلاء يفعلون ما يحلو لهم.
* ما أهم الابحاث التي قمت بها ؟
** من أهم الأبحاث تحليلي لقصيدة كتبها كاتب فرعوني يعتقد انها للفلاح الفصيح, منذ الفي عام قبل الميلاد. هذه القصيدة موجودة في متحف برلين لكني كنت أول شخص يقوم بتحليل محتوي الكلام وبالتالي أول شخص يبحث في تفكير الانتحار عند قدماء المصريين , واتصلت بي كثير من المجلات العالمية لعرض هذا البحث واجراء مقابلات معي. قد يكون هناك موقف ضد الانتحار أو موقف معه ولكنه بدون تحليل , أما الكاتب المصري القديم فانه يتخذ موقف وسط , موقف الحكيم المعتدل. الاعتدال هو في مصلحة الانسان , لانه في حالة تحريم الانتحار فان الشخص يخاف من التحدث عن مشاعره وبالتالي تتدهور حالته, وعندما يجد فرصة فانه يقدم علي الانتحار. لكننا نري ان الكاتب الفرعوني يتخذ موقفا معتدلا من المشكلة.
* ما قصة هذا الكاتب الفرعوني ؟
** هذه القصيدة من البرديات المعروفة. أثناء بحثي عن تاريخ الانتحار في الحضارات المختلفة, وجدت هذه القصيدة وعملت لها التحليل النفسي واستخدمت برنامج للكمبيوتر للمساعدة علي تحليل المحتوي وذلك في عام .2006 جاءت هذه القصيدة بعد أن طلب فرعون مصر من الكاتب أن يكتب قصيدة يحرم فيها الانتحار عندما لاحظ وجود حالات انتحار, لكن الكاتب كتب قصيدة هي عبارة عن ديالوج بين الانسان وروحه . الروح في العبادة المصرية القديمة كان له وضعا مميزا. في القصيدة نري الانسان يتكم ويشرح احساس الاكتئاب الذي يعاني منه وبغضه للحياة وعدم وجود أصدقاء له وكراهيته حتي لنفسه. لقد قدم الكاتب أروع شرح للاعراض النفسية للانتحار وهو ما نعلمه حاليا للطلبة رغم انه كتب منذ حوالي أربعة الاف سنة.. وهنا تجيء الروح وترد عليه بطريقة هادئة وتقدم الحل الواعي لمن عنده فكرة الانتحار. وتطلب من الجسد المصالحة. الحل كما قدمه الكاتب هو التصالح بين الجسد والروح. لقد قدم الحل بطريقة ناضجة. من هنا نري أن الفراعنة كان لديهم مفهوما راقيا في معالجة الامراض النفسية. وهذا بالفعل ما بدأنا حاليا نراه حلا واقعيا نستخدمه في العلاج النفسي. لقد تعاملت كل من الحضارة المصرية القديمة والدراسات القبطية مع الانتحار بطريقة جميلة ومتقدمة. لذلك نجد الغرب هنا يهتم بتعلم طريقة تعامل كل من الحضارة المصرية القديمة والدراسات القبطية مع الانتحار.
* هل الاصابة بأمراض مستعصية تقود الي الانتحار ؟
** المرض في حد ذاته ليس هو الدافع علي الانتحار , بل عدم وجود الاعتناء الواجب بالمريض أو مساندته أثناء مرضه. مثلا منذ خمسين عاما كان عدد المنتحرين من مرض هنتنجتون كوريا, Huntington's Chorea وهو من الامراض العصبية, مرتفعا , لكن حين بدأت الدولة تهتم بهؤلاء المرضي وتقدم لهم المساعدات هم وأهلهم فاننا لا نجد أي حالة انتحار بينهم خلال العشرين عاما الماضية , مع ان هذا المرض ليس له علاج للآن. هذا دليل علي أن الامراض المستعصية ليست هي السبب .
* هل هناك أعراض معينة للانتحار؟
** تبدأ داخل رأس الشخص أفكار عن انهاء حياته, ثم يبدأ في التحدث عنها مع الناس, وهنا لابد أن نأخذ الأمر بجدية. أيضا هناك الاحساس بعدم قيمة الانسان واليأس وعدم وجود أي أمل وقلة الحيلة بمعني عدم القدرة علي فعل أي شيء والشعور بالاكتئاب.
* ما أهم الابحاث الاخري التي قمت بها أيضا؟
** في عام 2001 أجريت بحثا عن وزن المخ بين مجموعتين من 200 تتشابهان في السن والجنس . المجموعة الاولي ماتت منتحرة أما المجموعة الأخري فقد توفيت نتيجة أسباب أخري. كانت النتيجة أن وزن المخ في المجموعة الاولي أثقل من وزن المخ في المجموعة الأخري . وهنا تظهر علامات استفهام! ما الذي يحدث للمخ ؟ هل هناك خلل ما يؤدي الي زيادة وزن الخ!
* ما أكثر البلاد التي بها نسبة انتحار عالية؟
** أكبر بلد بها نسبة انتحار مرتفعة كانت بلغاريا لفترة طويلة. وقد أدي تفكك الاتحاد السوفيتي الي ظهور بيانات لم تكن معروفة من قبل , اذ وجد ان الكتلة الشرقية بها نسبة عالية, أعلي من 50 في المائة الف سنويا. أيضا في سيريلانكا نجد النسبة مرتفعة . ومن المعروف ان دول البحر المتوسط نسبة الانتحار بها قليلة , حوالي خمسة في المائة ألف سنويا. هذا يعود الي الترابط الاسري في معظم بلاد البحر المتوسط والي نوعية الحياة التي تتميز بشيء من المرح والتراخي. في المملكة المتحدة تصل نسبة الانتحار الي عشرة في المائة الف . في الاقلية الاسيوية نجد نسبة الانتحار بين السيدات أعلي من نسبة الرجال, رغم ان هذا مختلف عن المعدل في بلادهم الأصلية. يرجع هذا الي احساس السيدات كبار السن بالعزلة بعد موت أزواجهن وعدم معرفتهن للغة الانجليزية وبالتالي عدم قدرتهن علي الاتصال والتحدث مع الاخرين, أما بالنسبة للفتيات الصغيرات فان نسبة ارتفاع معدل نسبة الانتحار تعود الي اجبار الاهل لهن علي الزواج المترتب . في الصين نجد نسبة الانتحار بين السيدات اكثر من الرجال , وهذا يعود الي المعاملة السيئة لهن اذ ان المصرح لها بانجاب طفل واحد مما يجعلها تعاني من أمومة مكبوتة.
* ما أهم التقديرات أو الجوائز الي حصلت عليها ؟
** أهم تقدير هو لقب سير الذي حصلت عليه في (شهر يونية الماضي). هذا لقب أوربي يقدم للشخصيات التي قدمت شيئا متميزا للبشرية ومفيدا للمجتمع . هذا اللقب الاوربي يقدم تحت رعاية الامير فريدريك, وهو يقيم في مقاطعة ما بين بلجيكا والنمسا, وأيضا تحت رعاية بطريرك الكنيسة اليونانية, سيدور الثاني. حصل علي هذا اللقب من قبل عمدة موسكو , ومهندس أعاد التخطيط المعماري الحديث لمدينة أثينا وبعض الشعراء وأساتذة الجامعات. الي جانب اللقب , فقد حصلت علي وسام الصليب للملك قسطنطين الكبير. أيضا منذ سنوات حصلت علي ميدالية من مركز برمنجهام للابحاث الطبية, , وذلك عن البحث الذي قدمته في رسالة الدكتوراه عن المقارنة بين حالات انتحار صغار السن وكبار السن. هذه الميدالية تقدم كل سنة لاحسن بحث طبي.
* ما أحدث أبحاثك وأعمالك؟
** حاليا أقوم باجراء بحث لتصميم ساعة الكترونية يلبسها مريض الألزهايمر الزهيمر أو من هو في سن الشيخوخة لمراقبة حركاته وتتبع حالته الصحية وذلك في حالة ما اذا كان الشخص يقيم بمفرده. هذه الساعة ترسل اشارات عن طريق ريموت كنترول الي مركز متخصص وذلك في حالة حدوث اية اضطرابات للشخص أو اذا تعرض للخطر, وهنا يسارع المركز الي ارسال المعونة او الاسعافات اللازمة. الهدف من هذه الساعة هي مساعدة الناس التي تفضل الاستمرار والبقاء في بيوتها عن بيوت المسنين. انها طفرة في خدمة كبار السن.
* كيف تنظر الي المستقبل؟
** أهم حاجة ان أربي أولادي في خوف الله , لقد اخترنا أسماء قبطية لأبنتي , ماريا واجيا (بمعني قديسة) وكل واحدة من بناتي تحب وتفتخر بنشأتها القبطية . واحب التأكيد علي ان النجاح يكون بالقرب من الله , وان السعي وراء النجاح بغرض الكسب هو سعي كاذب, أما اذا تمسك الانسان بالله فانه يجد فرح أكيد وسلام حقيقي.
ابو ماضى- مراقب عام المنتدى
- عدد المساهمات : 440
تاريخ التسجيل : 23/05/2010
العمر : 51
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى