مارجرجس والشهداء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجدو - مجدون

اذهب الى الأسفل

مجدو - مجدون Empty مجدو - مجدون

مُساهمة  ابو ماضى الجمعة مايو 28, 2010 11:04 am

مجدو - مجدون

( أ ) الموقع: يطلق اسم "مجدو" (وهي الآن: تل المتسلِّم) علي ميدان المعركة الشهيرة" هرمجدون" (وهي اللفظ اليوناني للكلمة العبرية "هرمجدون" أي "جبل مجدو"). وتتكون الرابية الموجودة في الموقع من قلعة علي مساحة نحو 13 فداناً، أسفلها مساحة من عشرة أفدنة أخري، وترجع إلي العصرين البرونزي المتوسط والمتأخر. وهي تقع علي الحافة الجنوبية الغربية من سهل إسدرالون، ملاصقة لجبال الكرمل عند تقاطع الممر الرئيسي المتجه من الشمال إلي الجنوب، والذي يكوِّن جزءاً من الطريق الرئيسي بين بلاد بين النهرين ومصر. وقد خلع هذا الموقع الاستراتيجي أهمية كبيرة علي المدينة فكانت مركزاً تجارياً وحربياً هاماً طوال العصرين البرونزي والحديدي.
( ب ) الإشارات إليها في الكتاب المقدس: لا تشغل مجدو في الأسفار الإلهية مكاناً كبيراً، مثل الذي تشغله بعض المدن الأخري المرتبطة بأحداث دينية كبري، ومع ذلك فالإشارات الكتابية قليلة إليها، تؤكد دورها الهام كمركز حربي استراتنيجي حصين، وكمركز إداري أيضاً.
ويُذكر ملك مجدو بين الواحد والثلاثين ملكاً الذين هزمهم يشوع (يش 12: 21)، ويرتبط اسمها باسم مدينة "تعنك" القريبة منها (يش 17: 11) حيث تذكر "تعنك وقراها ومجدو وقراها" بين المدن التي أعطيت لسبط منسي في وسط سبط يساكر، وذلك رغم أن بني منسي لم يستطيعوا طرد الكنعانيين منهما (قض 1: 27، 1 أخ 7: 29) وفي أيام دبورة وباراق، احتشدت جيوش الكنعانيين بزعامة يابين ملك حاصور، وبقيادة رئيس جيشه "سيسرا"، احتشدت هذه الجيوش ومعها تسع مئة مركبة من حديد عند نهر قيشون، فهزمهم الرب أمام باراق "في تعنك علي مياه مجدو" (قض 5: 19). وقد تغنت دبورة بذلك الانتصار في نشيدها المشهور (قض 5).
ويبدو أن بني إسرائيل لم يستطيعوا الاستيلاء علي مجدو تماماً إلا في أوائل عصر الملكية. وقد كانت "تعنك ومجدو" إحدى المناطق الإدارية الاثني عشرة التي جعل فيها الملك سليمان وكلاء له، وقد امتدت هذه المنطقة الإدارية إلي بيت شان (1 مل 4: 12).
ونجد إشارة هامة "لمجدو" (1 مل 9: 15- 19) حيث نقرأ عما قام به الملك سليمان من أعمال البناء والتشييد، فكانت مجدو إحدي المدن التي أعاد بناءها وتحصينها، وجعلها من المدن التي وضع فيها مركباته وخيله. وكانت مجدو وحاصور وجازر وبيت حورون السفلي وبعلة وتدمر في البرية، تكوِّن سلسلة من المدن الحصينة التي يرابط فيها جيش سليمان للدفاع عن حدود إسرائيل.
وعندما مُسح ياهو ملكاً علي إسرائيل في 841 ق.م.، ذهب مباشرة إلي يزرعيل ليقضي علي أخزيا ملك يهوذا، ولما جرح أخزيا في مركبته في عقبة جور التي عند يبلعام، هرب إلي مجدو ومات هناك (2 مل 9: 27).

وحاول الملك التقي يوشيا أن يعترض طريق نخو فرعون مصر، في مجدو في 609 ق.م. وكان نخو في طريقه إلي نهر الفرات لمحاربة ملك أشور، ولكن "نخو" هزم يوشيا وقتله في "مجدو" (2 مل 23: 29و 30، 2 أخ 35: 22- 24).
وآخر إشارة في العهد القديم إلي "مجدو" هي التي جاءت في نبوة زكريا (12: 11). ويري البعض أن الآيات التالية أنها نبوة عن المستقبل، فسيكون سهل مجدو هو المكان الذي سيجمع فيه الوحش والنبي الكذاب "ملوك العالم وكل المسكونة…. لقتال ذلك اليوم العظيم، يوم الله القادر علي كل شيء… فجمعهم إلي الموضع الذي يدعي بالعبارنية هرمجدون" (رؤ 16: 14- 16، 17: 11- 14، 19: 11- 21).
وهذه الإشارات الكتابية الموجزة لا تكشف إلا عن جزء من تاريخ "مجدو"، ولكن أصبح لدينا - نتيجة الأبحاث الأركيولوجية العديدة في الموقع- الكثير من المعلومات عن تاريخ "مجدو"، وكذلك مما سجلته النقوش الهيروغليفية علي معبد الكرنك في القصر، وما سجلته رسائل تل العمارنة.
( ج ) الإشارات إليها في النقوش والرسائل المصرية: إن أقدم وأشهر معركة حدثت في "مجدو"، كانت أول معركة في التاريخ تسجل بتفصيل، بكل تكتيكاتها التي مازالت تدرس إلي اليوم. فنحو 1482 ق.م. قام تحتمس الثالث- أحد عظماء فراعنة مصر الفاتحين، من الأسرة الثامنة عشرة- بحملة علي فلسطين لإخضاع الحكام المتمردين، وتصدي له ملك قادش ومجدو علي رأس المتمردين. وبعد مسيرة عشرة أيام من شور إلي غزة، ثم أحد عشر يوماً إلي "يهيم" في سهل شارون، استعد المصريون للتقدم إلي "مجدو". وإذ ظن الكنعانيون أن العدو لابد أن يتقدم- منطقياً- عن طريق تعنك أو يقنعام، فقسموا جيوشهم إلي جناحين: شمالي وجنوبي، وأعدوا كمائن من المركبات الحربية، ولكنهم تركوا الممر الضيق عبر وادي "عارة" الذي يؤدي مباشرة إلي مجدو، بدون دفاع.
وتقدم تحتمس في حركة جريئة- ضد مشورة قواده- إلي هذا الممر وفاجأ المدينة وهزم الكنعانيين هزيمة منكرة، وتعقب الجيوش الكنعانية الهاربة؟، واقتحم المدينة، واستولي علي 924 مركبة من بين الغنائم الكثيرة التي استولي عليها، وقد سجل تحتمس (1504- 1450 ق.م.) كل ذلك علي حوائط معبد الكرنك.
وبعد ذلك بسنوات قليلة، ذكر أمنحتب الثاني مجدو في حملاته الحربية، إذ يبدو أن المدينة كانت قد اصبحت مركزاً إدارياً مصرياً طوال القرن الخامس عشر قبل الميلاد. وبعد أقل من مائة سنة علي غزوة تحتمس الثالث، بدأت قبضة مصر علي بلاد فلسطين، في عصر أمنحتب الرابع (أخناتون) ترتخي لانشغاله بالثورة الدينية التي أحدثها، فلم يستجب لرسائل الاستنجاد العديدة التي بعث بها إليه رجاله الذين كان منهم "بريدياً" ملك مجدو، الذي أرسل ست رسائل لملك مصر يطلب- من بين أشياء اخري- إرسال مائة جندي للمساعدة في الدفاع عن المدينة. وكانت هذه الرسائل مكتوبة باللغة الأكادية (وكانت هي اللغة الدبلوماسية في ذلك العهد) بالخط المسماري علي ألواح طينية، واكتشفت في أطلال قصر أخناتون في تل العمارنة في 1887م (الرجا الرجوع إلي مادة "تل العمارنة" في موضعها من "حرف التاء" بالجزء الثاني من "دائرة المعارف الكتابية").
إن أهمية "مجدو" كقاعدة حربية، ظهرت مراراً عديدة في العصور القديمة، بل ما زالت لها أهميتها حتي الآن، ففيها تقابلت الجيوش البريطانية والجيوش التركية في الحرب العالمية الأولي (1914- 1918). كما استخدم العرب والإسرائيليون إمكانات هذا الموقع الاستراتيجي في الحرب بينهم في منتصف هذا القرن.
( د ) الاكتشافات الأركيولوجية: كان أول من قام بالتنقيب في الموقع هو ج. شوماخر من معهد الأبحاث الشرقية الألماني في 1903- 1905، وكان من أهم ما عثر عليه "ختم" باسم "شمه خادم يربعام"، والأرجح أنه كان أحد رجال يربعام الثاني ملك إسرائيل.
وبدأ المعهد الشرقي من جامعة شيكاغو القيام بالتنقيب في الموقع من 1925- 1939 بإشراف "س. فيشر" (C.S Fisher) علي مدي العامين الأولين، ولكنه اضطر للعودة لسوء صحته، وخلفه ب.ك. جاي (Guy) الذي واصل التنقيب حتي 1935، ثم خلفة "جوردون لود" (G. Loud) حتي انتهي التنقيب في 1939 لنشوب الحرب العالمية الثانية. وقد أتاحت موارد المعهد الشرقي للقيام بأعمال التنقيب في أطلال مجدو، أكثر من أي موقع آخر في فلسطين، مما أسفر عن اكتشاف الكثير من المعلومات، حيث إنهم قسموا تاريخ "مجدو" إلي عشرين حقبة حسب الطبقات التي أسفر عنا التنقيب، من القمة إلي الطبقة الصخرية السفلي. لقد سُكنت المدينة منذ العصر البرونزي (قبل 3300ق.م.) إلي نهاية العصر الحديدي الثالث (حوالي 350ق.م.)، عندما انتهت سيادة الفرس علي فلسطين، ولم تكن الحقبة اليونانية قد بدأت بعد.
وفي الطبقة السابعة عشرة (حوالي 2500ق.م.) أكتشف معبد كنعاني به مذبح دائري مرتفع. وقد أعيد بناء المذبح الضخم في الطبقة السادسة عشرة بحجارة غير منحوتة، وعملت له سلم ذات درجات متعددة (ارجع إلي خر 20: 25)، وكان قطره يزيد عن 25 قدماً. وأرجع العلماء نظام عملية المياه الجوفية الخرافية إلي نحو 1150 ق.م. وكانت تتكون من بئر رأسي داخل المدينة، ونفق في الطبقة الصخرية السفلي يمتد إلي النبع خارج المنطقة المحصنة. كما اكتشفت أشياء كثيرة، من أهمها تماثيل مصرية منقوش عليها، 282 قطعة من العاج المنقوش عليها أيضاً، والتي ترجع إلي القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
أما الطبقة الرابعة فقد أسفر التنقيب فيها عن أهم الاكتشافات بالنسبة للتاريخ الكتابي، فقد اكتشف بوابة تحيط بها ثلاث حجرات من كل جانب، أشبه بالباب الشرقي في الهيكل الموصوف في سفر حزقيال (40: 6- 13)، وترجع إلي عصر سليمان. وقد اكتشفت بعد ذلك بوابات من هذا الطراز في حاصور وجازر. وكانتا من مدن المركبات التي بناها سليمان. كما اكتشفت حوائط مدرعة، وساحة قصر، ومجموعتان من المباني أشبه بالاسطبلات، وترجع إلي نفس العصر. ويبدو أن كل اسطبل كان يتسع لأربعة وعشرين حصاناً، مما يصل بالمجموع إلي نحو 450حصاناً. والخلاصة أن الحفريات تدل علي أن المدينة كانت حصينة ومركزاً إدارياًَ هاماً منذ أوائل عصر الملكية، فكانت قاعدة للمركبات منذ عصر سليمان وما بعده.
وقد اعترض الأركيولوجي الإسرائيلي "يجيل يادين" (Yigael Yadin) علي الرجوع بهذه المباني إلي عصر سليمان، وذلك بناء علي أبحاثه في الموقع في الخمسينيات من هذا القرن. وحيث أن الطبقة الرابعة تغطي حقبة من 1000- 800ق.م. فقد رجع بزمن هذه المباني إلي عصر أخآب، وليس سليمان. ولكن أركيولوجياً إسرائيلياً آخر هو "يوحانان أهاروني" دافع بشدة عن الرأي الذي وصلت إليه بعثة جامعة شيكاغو. ولا زال الموضوع لم يحسم، ولكن النصوص الكتابية تكاد تؤيد أن البوابة والأسوار والقصر والاسطبلات في الطبقة الرابعة، ترجع إلي عصر سليمان، فما جاء في سفر الملوك الأول (9: 15- 19) يؤيد هذا الرأي بقوة. ومن الواضح أن هذه المباني كانت لا تزال تستخدم- رغم غزوة شيشق فرعون مصر- إلي زمن أخآب، أي لمدة تقل عن قرن بعد عصر سليمان.
ومؤخراً اعترض "ج. ب. برتشرد" (J. B. Pritchard) علي اعتبار أن هذه الأطلال هي بقايا اسطبلات، وقال إن الخيل كانت تحفظ عادة في حظائر غير مسقوفة، وإن هذه المباني كانت علي الأرجح مخازن أو معسكرات. ولعل ما اكتشفه أهاروني من حجرات المخازن المجاورة للبوابة في بئر سبع من القرن الثامن قبل الميلاد، تؤيد رأي برتشرد.







ابو ماضى
ابو ماضى
مراقب عام المنتدى
مراقب عام المنتدى

عدد المساهمات : 440
تاريخ التسجيل : 23/05/2010
العمر : 51

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى